(٢٨٧) ولا هذا الكلام السخيف، لما فيه من القصور عن بلاغة تلك الأقوام، رضى الله عنهم، ولعلّه مفتعل عليهم من بعض المتوالين، والله أعلم.
ثم إنّ عمرا رحل طالبا معاوية، فمنعه عبد الله ولده، ومولاه وردان فلم يمتنع حتّى إذا كان بمفرق الطريقين: طريق العراق وطريق الشام، فقال له وردان:
طريق العراق طريق الآخرة، وطريق الشام طريق الدنيا، وإن نحن منقلبون عنها، فأيّهما تسلك وفّقك الله؟ فقال: طريق الشام يا وردان، والربّ مسامح وغفور، فقم! حتى لحق بمعاوية رضى الله عنهما.
ولنعد إلى أخبار حرب صفّين، بحول الله وقوّته وبركة إلهامه، قال الطبرى (١) رحمه الله: وخرج علىّ عليه السّلام حتى خيّم بالنخيلة، وقدم عليه عبد الله بن عبّاس بأهل البصرة، فسار علىّ كرّم الله وجهه حتى عبر آخذا على طريق الجزيرة، وعبر الفرات، وكان (٢) مسيره من الكوفة لخمس خلون من شوال سنة ستّ وثلاثين، واستخلف على الكوفة أبا مسعود عقبة بن [عامر](٣) الأنصارى، واجتاز فى طريقه بالمدائن إلى الأنبار، حتى نزل الرقّة، فعقد له هناك جسر، فعبر إلى جانب الفرات من ناحية الشام، وقد تنوزع فى عدّة من كان معه، فمكثّر ومقلل، والمتّفق عليه أنّ جميع جمعه سبعون (٤) ألفا، وقيل تسعون ألفا.