تطاول ليلى بالهموم الطوارق ... وصادفت من دهرى وجوه البوائق
أأخدعه والخدع فيه سجيّة ... أم أعطيه من نفسى نصيحة صادق
أأقعد فى بيتى وفى ذاك راحة ... لشيخ يخاف الموت فى كلّ بارق
فلمّا أصبح دعا وردان مولاه، وكان وردان رجلا عاقلا لبيبا، فشاوره فى ذلك، فقال له وردان: إنّ مع علىّ آخرة ولا دنيا معه، وهى التى تبقى لك، وإنّ مع معاوية دنيا ولا آخرة معه، وهى الّتى لا تبقى عليك، فاختر لنفسك أيّهما أحببت، قال: فتبسّم عمرو، وتمثل يقول:
لا قاتل الله وردانا وفطمته ... لقد أصاب الذى فى القلب وردان
لما تعرضت الدنيا عرضت لها ... بحرص نفس وفى الأطماع حرمان
نفس تعفّ وأخرى الحرص يمنعها ... والمرء يأكل تينا وهو عريان (١)
أما علىّ فدين ليس يشركه ... دنيا وذاك له دنيا وسلطان
فاخترت من طمعى دنيا على بصرى ... وما معى بالّذى أختار برهان
إنى لأعرف ما فيها وأبصره ... وفىّ أيضا لما أهواه ألوان
لكنّ نفسى تحبّ العيش فى شرف ... وليس يرضى بذلّ النّفس إنسان
قلت: لست أظنّ هذه الأشعار من كلام عمرو بن العاص رضى الله عنه،