خرج الحسين عليه السّلام إلى العراق وقتل رحمه الله عليه وبلغ ابن الزبير مقتله [ف] عظّم عليه وصعد المنبر فخطب وعاب أهل الكوفة خاصة وذمّ أهل العراق عامة وترحم على الحسين عليه السّلام. ولعن قاتله والمسبب فى قتله، وقال:
والله لقد قتلتموه طويلا بالليل قيامه، كثيرا بالنهار صيامه، أحق منهم بما هم فيه، والله ما كان ممن يتبدّل بالقرآن الغنى ولا بالبكاء من خشية الله الحداء ولا بالصيام شرب الحرام ولا بالذكر طلب الصيد، معرّضا بيزيد لأنه كان صاحب صيد ولذة. فثار أصحاب بن الزبير إليه وقالوا: أظهر بيعتك فلم يبق بعد قتل الحسين من ينازعك، وكان يبايع الناس سرّا. فقال لهم: لا تعجّلوا هذا وعمرو بن سعيد بن العاص الأشدق بالمدينة ومكة، وهو إقامته مكة. وبلغ ذلك يزيد، فآلى ليؤتينّ ابن الزبير فى سلسلة من (٦٨) فضة ووجه بها مع الرسول. فلما مر الرسول بالمدينة لقى بها الوليد ومروان فأخبرهما بما جاء فيه. فقال مروان متمثلا <من الطويل>:
خذها فليست للعزيز مذلّة ... وفيها مقال لامرئ متضعّف
فلما قدم الرسول على ابن الزبير رده ردا رفيقا وقال: لا أكون بالمتضعّف، فقال الرسول: برّ قسم أمير المؤمنين! قال: لا أبرّ الله قسمه ولا وفّق له الوفاء بنذره. فقال له أخوه عمرو بن الزبير: ما عليك أن تبرّ قسم ابن عمك. قال: قلبى مثل قلبك.
(١٣) خذها (فخذها). . . متضعّف: ورد البيت فى تاريخ الطبرى ٢/ ٣٩٨؛ الكامل ٤/ ١٠٠
(١٦) أخوه. . . الزبير: فى أنساب الأشراف ٤ ب/١٧: «عروة بن الزبير أو غيره»