قلم ما أراه أم ملك يج ... ري بما شاء قاسم ويشير
خاشع في يديه يلثم قرط ... اسا كما قبّل البساط شكور
ولطيف المعنى جليل نحيف ... وكبير الأفعال وهو صغير
كم منايا وكم عطايا وكم حت ... ف وعيش تضمّ تلك السطور
نقشت في الدجى نهارا فما أد ... ري أخطّ فيهنّ أم تصوير
هكذا من أبوه مثل عبيد اللّ ... (م) هـ يسمو إلى العلى ويصير
<وقال أيضا في أبيه عبيد الله بن سليمان بن وهب (من الطويل):
عليم بأعقاب الأمور كأنّه ... بمختلسات الظنّ يسمع أو يرى
إذا أخذ القرطاس خلت يمينه ... تفتّح نورا أو تنظّم جوهرا>
(٢٧٠) وعبد الله بن المعتزّ إمام المشبّهين. ووقع له في تشابيهه من المعاني المبتكرة ما فاق بها على من تعلّق بالتشبيه؛ فمن ذلك قوله (من البسيط):
سقى الجزيرة ذات الظلّ والشجر ... ودير عبّدون هطّال من المطر
فطال ما نبهتني للصبوح به ... في غرّة الفجر والعصفور لم يطر
أصوات رهبان دير في صلاتهم ... سود المدارع نعّارين في السحر
مزنّرين على الأوساط قد جعلوا ... فوق الرؤوس أكاليلا من الشجر
كم فيهم من مليح الوجه مكتحل ... بالسحر يطبق جفنيه على حور
لاحظته بالهوى حتّى استقاد له ... طوعا وأسلفني الميعاد بالنظر
وجاءني في قميص الليل مستترا ... يستعجل الخطو من خوف ومن حذر
فبتّ أفرش خدّي في التراب له ... ذلا وأسحب أذيالي على الأثر