للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجزيت مرتكب الجزيرة منهم ال‍ ... حسنى فاصبح شاكر (١) زلاته

هذا مع ان كل ملك اذا اخذ اهبه مملكته تكبّر، واذا انتصب فى مقرّ عظمته تجبّر، ومولانا السلطان-خلد الله ملكه وجعل الدنيا بأسرها ملكه-ادا على (٣) دسته ورقى سريره، راى الناس افضل الملوك سيرة واحسنهم مع الله سريره، لا يعجّل العقاب ولا يؤجل الثواب، (٩) ولا يتجاوز فى حكمه الصواب، ولا يمنع احد ان يستقصى الحجه ويستوفى الخطاب، هدا على انبساط قدرته واعتلا شانه، وانتشار هيبته واتساع سلطانه. وانه ادا استقر فى منصبه وجف الاكابر من الموالى الامراء، والساده القضاه العلماء. وحضر رسل الملوك وسفراهم (٨) لديه، ووقف الاماثل سماطين بين يديه، وادن (٩) لمن أتى ببابه الشريف من الوفود، وغصت الاماكن الفسيحه بالعساكر والجنود، وتعرض ارباب الوضايف (١٠) لامتثال المراسم، واشتكت الارض اليه من وقع المباسم، رأيت شرف الدنيا وعزّ الأبد، وسلطانا عظيما قوىّ المدد، وملكا كبيرا لا ينبغى لاحد، ونظرت الانوار قد سطعت واشرقت، والابصار قد خضعت واطرقت، وشاهدت مقاما مهيبا ومنظرا هايلا، والفيت كل لسان معقولا وقد كان جايلا قايلا، وتمثلت ضروره بقول الله تعالى فى محكم الكتاب (١٥) {هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ.}

فلذلك نطق لسان الحال بهدا المقال <من الكامل>:

ناظر زمانك [. . .] يا ملك الورا (١٧) ... فنظير ملكك ما رآه ولا يرا

يا ناصر الدنيا الذى ما مثله ... فلذاك كل الصيد فى جوف الفرا

انت الذى ذلّ الزمان لبأسه ... من ذا يماثل أو يشاكل من ترا (١٩)

ما أحنف فى حلمه ما أصمع فى علمه ... ما عادل فى عدله مع قيصرا (٢٠)


(١) شاكر: شاكرا
(٣) على: علا
(٨) سفراهم: سفراؤهم
(٩) ادن: أذن
(١٠) الوضايف: الوظائف
(١٥) القرآن ٣٨:٣٩
(١٧) الورا: الورى--يرا: يرى-- الشطر الأول مضطرب الوزن
(١٩) ترا: ترى
(٢٠) الشطر الأول مضطرب الوزن