للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدشار، وخرج من مماليكه وألزامه ألف فارس ملبّسين شاكين السلاح ومنهم رمّاحين وزرّاقين وغيرهم. وخرجوا أهل حلب بكمالهم حتى البنت فى خدرها لوداعه. وعاد فى ذلك اليوم (٣) بكا وصراخ وعويل ممّا يبكى الحجارة، لمفارقة كلّ إلف إلفه. فإنّ كلّ إنسان من مماليكه وألزامه وحاشيته، قد صار له بحلب الأهل والأصهار والأصحاب والجيران والمعارف، فخرجوا الجميع لتوديعهم، وكان يوم مشهود. هذا وقد ضربت نقاراته وطبلخانته، ونعرت بوقاته، ونشرت صناجقه، وهو راكب قدّام ثقله، وذلك الأولة من نهار يوم الخميس

قال بيخان: إنّ قراسنقر لمّا استقلّ ركابه من حلب وصارت خلفه، التفت إلى نحوها وبكى حتى بلّت دموعه لحيته، وقال: صدق من قال: بيت الظالم خراب ولو بعد حين. -ثمّ طلب ناحية القبلة إلى فوق من بيوت مهنّا. فلمّا قرب من ديارهم خرج إليه مهنّا وفضل فى عشايرهم ووجوه قومهم، والتقوه ملتقى حسنا (١٣)، وأنزلوه قريبا منهم على شاطى الفراة.

وشاعت الأخبار فى جميع أقاليم الشأم بما جرى لقراسنقر. فتشوّش الناس والنوّاب بجميع الممالك الشأميّة. وسيّر الأفرم نايب طرابلس وكاتب الأمير مهنّا: إنّى أيضا واصل إليك بجماعة من أصحابى وألزامى وأمّا ما كان من المجرّدين الذين فى صحبة قرا لاجين وبقيّة الأمرا المذكورين، فإنّ المرسوم ورد عليهم بالسّوق إلى دمشق. فلم يزالوا كذلك حتى وصلوا دمشق. ثمّ اتّفق رأيهم أن ينزلوا حمص، وينتظروا (١٩) ما يرسم لهم به، وهم أيضا خايفين وجلين


(٣) اليوم: بالهامش
(١٣) حسنا: حسن--قريبا: قريب
(١٩) وينتظروا: وينتظرون