هيّأ الله له من هلاك الحبشة وملك العرب، هكذا يقول أكثر الرواة بأنّه سيف ابن ذى يزن، قلت: صحّحت ذلك أنّه معدى كرب بن سيف بن ذى يزن (١).
وعاد عبد المطّلب (٢) إلى مكّة، وجلس على فراشه إلى جوار الكعبة، فأقبل النبىّ صلّى الله عليه وسلم وهو صغير يدرج (٨) فقال عبد المطّلب: أفرجوا لابنى، ورماه ببصره حتى استقرّ على الفراش ثم أنشد عبد المطّلب:
أعيذه بالواحد ... من شرّ كلّ حاسد
ثم قال: أنا أبو الحارث، ما رميت غرضا إلاّ أصبته، يريد ما تخطئ فراستى ولا يخيب ظنّى. فقال له ابنه الحارث: يا سيّد البطحاء، إنّك تقول قولا مضمّنا، فلو أوضحت، فقال: ستعلم يا أبا سفيان.
قلت: هذا الحديث يستدعى حديثين: فأحدهما معلق بقول عبد المطّلب:
أعيذه بالواحد، من شرّ كل حاسد. وهو أنّ آمنة بنت وهب أمّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم أرسلت هى وقابلتها إلى عبد المطّلب، فى الليلة التى ولد فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، بأن يأتى إليها، وكان عبد المطّلب إذ ذاك يطوف بالبيت، فأتاهما، فقالتا له:
يا أبا الحارث، ولد لك الساعة مولود له أمر عجيب، فذعر عبد المطّلب وقال:
أليس بشرا سويّا؟ فقالت له: بلى، ولكنّه سقط حين خرج إلى الدنيا خارّا