للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السيرة، وتعاظم في نفسه، وامتنع، وحجب نفسه عن الناس، وزاد كبره على القوّاد فاجتمع القوّاد والحاشية ووثبوا عليه فقتلوه وبايعوا لعبد الله بن المعتزّ بعد خلعهم للمقتدر بالله. وكان الذين قاموا بهذا الأمر الحسين بن حمدان ومحمد بن داود بن الجراح مع جماعة (٢٧٢) من القواد وقالوا إنّ المقتدر غير بالغ وإنّ إمامته لا تجوز! فخلعوه وبويع عبد الله بن المعتزّ، ولقّب المرتضى بالله؛ وذلك يوم السبت لعشر بقين من شهر ربيع الأوّل سنة ست وتسعين ومائتين. ثم اضطرب أمره وضعف ثاني يومه لمّا أراد الانتقال إلى دار الخلافة دارت عليه الدائرة، وغلبت عليه حرفة الأدب، وحاربه غلمان المقتدر بمعونة العامة لهم فهزموا أصحاب ابن المعتزّ حتى تهاربوا. وهرب ابن المعتزّ واستتر عند أبي عبد الله الحسين بن عبد الله المعروف بالجصّاص التاجر الجوهريّ فوشي به فقبض عليه بعدما أعيدت البيعة للمقتدر بالله، وسلّم ابن المعتزّ لمؤنس الخادم فأخرج ميّتا من دار السلطان يوم الخميس لليلتين خلت من شهر ربيع الآخر من هذه السنة، وسلّم إلى أهله فدفن في خراب بإزاء داره وله خمسون سنة. ولمّا مات رثاه عليّ بن بسّام فقال (من البسيط):

لله درّك من ميت بمضيعة ... ناهيك في العلم والآداب والحسب

ما فيه لوّ ولا لولا فينقصه ... وإنّما أدركته حرفة الأدب

وفي هذه السنة ظهر عبيد الله المهديّ بالمغرب وأخرج الأغالبة الآتي ذكرهم إن شاء الله تعالى في الجزء المختص بذكر العبيديين وهو الجزء التالي لهذا الجزء.