حسنة بالناصر محمد، فقد أشاد بذكره فى مقدمة تاريخه، وفى مقدمة الجزء التاسع منه خاصة، بل وضع تاريخه كله من أجله «فوضعت هذا التاريخ اللطيف مشرّفا بالاسم السلطانى الناصرى الشريف»، ونرجح أيضا أنه انصرف عن أعمال الحكومة إلى تلقى الأدب والعلم «. . . استأنست بالخلاء عن الملاء، ووليت وجهى شطر الأئمة الفضلاء، وبسطت حجرى لالتقاط درر الشفاه، وجعلت ذلك دواء لقلبى وشفاه. . .».
على أنه كان فى حال حياة أبيه يرافقه دائما، وكان يحضر المحادثات التى كانت تجرى بين أبيه ورجال الدولة. وقد نقل الكثير منها فى الثامن والتاسع من تاريخه. وكان يستمع إلى آراء الكبار والقوّاد، وكان يساعد أباه على عمله، وقد أنفذه مرّة إلى القاهرة، وهو فى دمشق، ليتخفى ويكتب له بما يجرى فيها من مؤآمرات.
ولكن العجيب أن لا يذكر أباه أحد من المؤرخين. إنّ من يقرأ الجزء التاسع والثامن من كنز الدرر يحسّ بأن الرجل كان ذا شأن.
وأنه أسهم فى الأمور السياسية إلى حد بعيد. فلماذا أغفل المقريزى وابن تغرى بردى وابن حجر ذكره، وقد ذكروا من هو أقل منه شأنا؟
ونستطيع أن نخلص إلى القول إن أبا بكر ابن الدوادارى كان من أسرة أفرادها من رجال الدولة الكبار-أبوه وجدّه-ونرجح