للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقالوا: كَذَبَ زَيدٌ رسُولَ اللهَ ، فَوَقَعَ في نَفْسِي مِمَّا قَالُوهُ شِدَّةٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ تَعالَى عَلى نبيِّهِ تَصْديقي: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ﴾ (١) ثُمَّ دَعاهُمُ النَّبيُّ لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ فَلَوَّوْا رؤوسَهُمْ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٢).

وعَنْ عَائِشَةَ قَالت: قَالتْ هِنْدُ امْرَأَةُ أَبي سُفْيانَ لِلنَّبيِّ : إِنَّ أبا سُفْيانَ رجُلٌ شَحيحٌ ولَيْسَ يُعْطِيني ما يَكْفيني ووَلَدي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وهُوَ لَا يَعْلَمُ، قَالَ: "خُذي مَا يَكْفيكِ ووَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٣).

وَلَمَّا كَانَ الْجَرْحُ مِنَ الْأمُورِ الصَّعْبَةِ - لِأَنَّهُ مُتَعَلِقٌ بِحَقِّ اللهِ تَعَالَى مَعَ حَقِّ الْعَبْدِ، وَحَقُّ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ اللهِ تَعَالَى إِذا اجْتَمَعَا - قَرَّر العُلَمَاءُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الجَرْحُ بِمَا فَوْقَ الْحَاجَةِ، فَقَالَ السَّخَاوِيُّ (٤): لَا يَجُوزُ التَّجْرِيحُ بِشَيْئَيْنِ إِذَا حَصَلَ وَاحِدٌ. ثُمَّ قَالَ أَيْضًا: وَإِذَا أَمْكَنَهُ الْجَرْحُ بِالْإِشَارَةِ المُفْهِمَةِ أَوْ بِأَدْنَى تَصْرِيْحٍ لَا تَجُوزُ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذلِكَ، فَالْأُمُورُ المُرَّخَّصِ فِيهَا لِلْحَاجَةِ لَا يُرْتَقَى فِيهَا إِلَى زَائِدٍ عَلَى مَا يَحْصَلُ الغَرَض.

وَإِلَيْكَ أَلْفَاظُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ وَمَرَاتِبُهُمَا ودَرَجَاتُ أَلْفَاظِهِمَا الَّتِي اعْتَمَدَ عَلَيْهَا الْأَئِمَّةُ رُضوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَمَرَاتِبُهُمْ وَدَرَجَاتُ أَلْفَاظِهِمْ.


(١) سورة: المنافقون، الآية: ١.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب: التفسير، باب: سورة المنافقون (الحديث ٤٩٠٠)، وأخرجه مسلم في كتاب: صفات المنافقين باب: صفات المنافقين وأحكامهم (الحديث ٦٩٥٥).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب: النفقات، باب: نفقة المرأة إذا غاب زوجها (الحديث: ٥٣٥٩)، وأخرجه مسلم في كتاب: الأقضية، باب: قضية هند (الحديث: ٤٤٥٢).
(٤) فتح المغيث: ص ٤٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>