إِلَى الجيزةِ فِي مِصْرَ والقَرافةِ وجَزيرةِ الفيلِ وأَنبابةَ لِتَحصيلِ العِلمِ. هذِهِ كَانَتْ رِحْلاتُ الإِمَامِ فِي مِصْرَ، أَمَّا رِحْلاتُهُ إِلَى خَارِجِ مِصرَ لِطَلَبِ العِلْمِ فَكَانَتْ كَثيرةً. سَافَرَ إِلَى اليَمنِ وَعَرَجَ عَلَى الحِجَازِ فِي طَرِيقهِ حَيثُ سَمِعَ الحَدِيثَ عَنْ بَعضِ المَشَايخِ في الطُورِ ثُمَّ انْتَقَلَ مَعْ بَعضِ الأَئِمَةِ إِلَى مَكَّةَ، ثُمَّ تَوَجهُوا إِلَى يُنْبعِ، وسَمِعَ الحَديثَ عَنْ مَشَايخِهَا، وأَخيرًا تَوجهَ إِلَى اليَمَنِ، وفِي اليَمنِ حَصَلَ عَلَى الكَثِيرِ مِمَا أَخَذَهُ عَنْ أَعْيَانِ عُلماءِ زُبيدٍ وعدنَ ووَدايَ الخَصيبِ، ولَمّا سَمِعَ صَاحبُ اليَمنِ المَلكُ الأَشرفُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَباسٍ بِقدومِ ابْنِ حَجَرِ خَطبَهُ للإِجتِمَاعِ بِهِ فِي زُبَيْدٍ فَفَعَلَ ذلِكَ واحتَفَى بِهِ المَلِكُ، ثُمَّ غَادَرَ الإِمَامُ اليَمَنَ إِلَى مَكَّةَ حَيثُ حَجَّ حُجَةَ الإِسلامِ، وسَافَرَ الإِمَامُ مَرةً أُخْرَى إِلَى اليَمَنِ وانصَدَعَ المَرْكِبُ فِي الطَرِيقِ وغَرقَ كَثيرٌ مِنْ أَمْتعةِ وكُتبِ وأَموالِ الإِمامِ، ثُمَّ غَادرَ اليَمنَ إِلَى بَلدِهِ فَحَجَّ وعَادَ إِلَى جَدّةَ وسَمِعَ الحَديثَ عَنْ مَشَايِخِهَا وعَادَ إِلَى بَلدِهِ. وقَدْ رَحَلَ الإِمَامُ إِلَى الحِجَازِ أَكثرَ مِنْ مَرةٍ للحجِّ والاشتغالِ بالعِلْمِ، وأَخَذَ الكَثيرَ مِنَ العِلمِ مِنْ مَشَايخِهَا ومُحَدثِيهَا، وزَارَ مكةَ ومِنًى والمَدينةَ المُنورةِ، والتَقَى الكَثيرَ مِنْ أَعلامِ العِلمِ فِي هذِهِ المُدنِ، ثُمَّ سَافَرَ الإِمَامِ إِلَى الديارِ الشَامِيةِ حَيثُ زَارَ غَزةَ ونَابلسَ والرملةَ وبَيتَ المَقدسِ والخَليلَ ودِمشقَ وصَالحِيَتَهَا وحَلَبَ وحِمْصَ وحَمَاةَ والكَثيرَ مِنْ القُرى الصَغِيرةِ وسَمِعَ بالبِلادِ التِي دَخلَهَا مَا لا يُوصفُ ولا يُدخلُ تَحتَ الحَصرِ، وهكذَا فَقَدْ اكْتسبَ الإِمَامُ مِنْ رِحْلاتِهِ عُلومًا مُختلفةَ وأَحاديثَ مُتواترةً ومَعرفةَ بِآراءِ العُلمَاءِ.
[شيوخه]
اجتمعَ لابنِ حَجَرِ مِنَ الشيوخِ مَا لَمْ يَجتمعْ لأَحدٍ مِنْ أَهْلِ عَصرِهِ، ومِنْ هؤلاءِ الشيوخِ: البَلقينيُّ وابْنُ المُلقنِ والعِراقيُّ والهَيثميُّ والمَجدُ الشِيرَازيُّ والغِمَارِيُّ والمُحبُّ ابْن هِشام والأَنْبَاسِيُّ والعِزُّ ابْنُ جَمَاعةٍ والتَنوخيُّ، ومَجموعُ شُيوخِهِ ٦٤٤ نَفسًا فِيهمُ زُهاءَ ٥٥ امرأةً تُكررَ فِيهمُ سِتَةُ عَشَرَ نَفْسًا فالخَالصُ مِنْ ذلِكَ ٦٢٨ شَيْخًا جَمعهُمْ فِي كِتَابٍ سَماهُ "المجمع المؤسس للمعجم المفهرس" (١)، ورَتَبهُمْ عَلَى حُروف المُعجمِ.
وأَبرزُ شُيوخِهِ فِي قِراءاتِ القرآنِ: التَنوخيُّ وصدرُ الدينِ مُحمدٌ بْنُ مُحمدِ بْنِ عَبدِ
(١) وقد طبع هذا الكتاب في دار المعرفة بتحقيق أخي الدكتور يوسف المرعشلي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute