لكنه شيء لا سبيل إلى استيعابه ولا حصره. وسببه انتشار الروايات، وكثرتها، وتشعبها، وسعتها فوجد المتعنت بذلك سبيلًا إلى الاستدراك على الشيخ بما لا فائدة فيه جليلة ولا طائلة، فإن أجلّ فائدة في ذلك هو في شيء واحد وهو إذا اشتهر أن الرجل لم يرو عنه إلا واحد فإذا ظفر المفيد له برأ وآخر أفاد رفع جهالة عين ذلك الرجل برواية راويين عنه فتتبع مثل ذلك. والتنقيب عليه مهم وأما إذا جئنا إلى مثل سفيان الثوري، وأبي داود الطيالسي، ومحمد بن إسماعيل، وأبي زرعة الرازي، ويعقوب بن سفيان، وغير هؤلاء ممن زاد عدد شيوخهم على الألف فأردنا استيعاب ذلك، تعذر علينا غاية التعذر. فإن اقتصرنا على الأكثر والأشهر، بطل ادعاء الاستيعاب، ولا سيما إذا نظرنا إلى ما روي لنا عن من لا يدفع قوله أن يحيى بن سعيد الأنصاري راوي حديث الأعمال حدث به عنه سبعمائة نفس وهذه الحكاية ممكنة عقلًا ونقلًا، لكن لو أردنا أن نتبع من روى عن يحيى بن سعيد فضلًا عن من روى هذا الحديث الخاص عنه لما وجدنا هذا القدر ولا ما يقاربه، فاقتصرت من شيوخ الرجل ومن الرواة عنه إذا كان مكثرًا على الأشهر والأحفظ والمعروف، فإن كانت الترجمة قصيرة لم أحذت منها شيئًا في الغالب، وإن كانت متوسطة اقتصرت على ذكر الشيوخ والرواة الذين عليهم رقم في الغالب. وإن كانت طويلة اقتصرت على من عليه رقم الشيخين مع ذكر جماعة غيرهم ولا أعدل عن ذلك إلا لمصلحة مثل أن يكون الرجل قد عرف من حاله أنه لا يروي إلا عن ثقة فإنني أذكر جميع شيوخه أو أكثرهم كشعبة ومالك وغيرهما، ولم ألتزم سياق الشيخ، ولرواة في الترجمة الواحدة على حروف المعجم لأنه لزم من ذلك تقديم الصغير على الكبير فأحرص على أن أذكر في أول الترجمة أكثر شيوخ الرجل وأسندهم وأحفظهم إن تيسر معرفة ذلك إلا أن يكون للرجل ابن أو قريب فإنني أقدمه في الذكر غالبًا، وأحرص على أن أختم الرواة عنه بمن وصف بأنه آخر من روى عن صاحب الترجمة، وربما صرحت بذلك، وأحذف كثير من أثناء الترجمة إذا كان الكلام المحذوف لا يدل على توثيق ولا تجريح ومهما ظفرت به بعد ذلك من تجريح وتوثيق ألحقته. وفائدة إيراد كل ما قيل في الرجل من جرح وتوثيق يظهر عند المعارضة، وربما أوردت بعض كلام الأصل بالمعنى مع استيفاء المقاصد، وربما زدت ألفاظًا يسيرة في أثناء كلامه لمصلحة في ذلك، وأحذف كثيرًا من الخلاف في وفاة الرجل إلا لمصلحة تقتضي عدم الاختصار ولا أحذف من رجال التهذيب أحدًا، بل ربما زدت فيهم من هو على شرطه فما كان من ترجمة زائدة مستقلة فإنني أكتب اسم صاحبها واسم أبيه بأحمر، وما زدته في أثناء التراجم قلت في أوله (قلت) فجميع ما بعد قلت: فهو من زياداتي إلى آخر الترجمة.
[فصل]
وقد ذكر المؤلف الرقوم فقال: للستة (ع)، والأربعة (ط)، وللبخاري (خ)، ولمسلم (بها، ولأبي داود (د)، وللترمذي (ت)، وللنسائي (س)، ولابن ماجه (ق)، وللبخاري في التعاليق (خت)، وفي الأدب المفرد (بخ)، وفي جزء رفع اليدين (ي)، وفي خلق أفعال العباد (عخ)، وفي جزء القراءة خلف الإمام (ز)، ولمسلم في مقدمة كتابه (مق)، ولأبي داود في المراسيل (مد)، وفي القدر (قد)، وفي الناسخ والمنسوخ (خد)، وفي كتاب التفرد (ف)، وفي فضائل الأنصار (صد)، وفي المسائل