[ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل]
يَقُولُ الْإِمَامُ الذَّهَبِيُّ (١) رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي مُقَدِّمَةِ رِسَالَتِهِ:
اعْلَمْ - هَدَاكَ اللهُ - أَنَّ الَّذِينَ قَبِلَ النَّاسُ قَوْلَهُمْ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ، عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
١ - قِسْمٌ تَكَلَّمُوا فِي أَكْثَرِ الرُّوَاةِ، كَابْنِ مَعِيْنٍ، وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ.
٢ - وَقِسْمٌ تَكلَّمُوا فِي كَثِيرٍ مِنَ الرُّوَاةِ، كَمالِكٍ وشُعْبَةَ.
٣ - وَقِسْمٌ تَكَلَّمُوا فِي الرَّجُلِ بَعْدَ الرَّجُلِ، كَابْنِ عُيَيْنَةَ والشَّافِعِيِّ.
وَالكُلُّ أَيْضًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
١ - قِسْمٌ مِنْهُمْ مُتَعَنِّتٌ فِي الْجَرْحِ، مُتَثَبِّتٌ فِي التَّعْدِيْلِ، يَغْمِزُ الرَّاوِيَ بَالْغَلْطَتَيْنِ والثَّلَاثِ، ويُلَيِّنُ بِذلِكَ حَدِيثَهُ.
فَهذَا إِذَا وَثَّقَ شَخْصًا فَعُضَّ عَلَى قَوْلِهِ بِنَاجِذَيْكَ، وتَمَسَّكْ بِتَوْثِيْقِهِ، وَإِذا ضَعَّفَ رَجُلًا فَانْظُرْ هَلْ وَافَقَهُ غَيْرُهُ عَلَى تَضْعِيْفِهِ، فَإِنْ وَافَقَهُ، وَلَمْ يُوَثِّقْ ذَاكَ أَحَدٌ مِنَ الْحُذَّاقِ، فَهُو ضَعِيْفٌ، وَإِنْ وَثَّقَهُ أَحَدٌ فَهذَا الَّذِي قَالُوا فِيْهِ لَا يُقْبَلُ تَجْرِيحُهُ إِلَاّ مُفَسَّرًا - يَعْنِي: لَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ فِيهِ ابْنُ مَعِيْنٍ مَثَلًا: هُو ضَعِيْفٌ، وَلَمْ يُوَضِّحْ سَبَبَ ضَعْفِهِ - وَغَيْرُهُ قَدْ وَثَّقَهُ، فَمَثَلُ هذا يَتَوَقَّفُ فِي تَصْحِيْحِ حَدِيْثِهِ وَهُوَ إِلَى الحُسْنِ أَقْرَبُ.
وابْنُ مَعِيْنٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالجَوْزَجَانِيُّ مُتَعَنِّتُونَ.
٢ - وَقِسْمٌ فِي مُقَابَلَةِ هؤُلَاءِ، كَأَبِي عِيسَى التَّرْمِذِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الحَاكِمِ، وَأَبِي بَكْرٍ البَيْهَقِيِّ: مُتَسَاهِلُونَ.
٣ - وَقِسْمٌ كَالْبُخَارِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وأَبِي زُرْعَةَ، وَابْنِ عَدِيٍّ: مُعْتَدِلُونَ مُنْصِفُونَ.
(١) ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل: ١٥٨.