للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإسناد من الدّين واهتمام الأئمة برجال السّند

إِن الفِتَنَ الَّتِي مَرَّتْ بِهَا الْأمَّةُ - شَرَّفَها اللهُ تَعَالَى - كَانَ لَا بُدَّ لَها وَأَنْ تَهْتَمَّ بِالْإِسْنَادِ وَالسُّؤَالِ عَنْهُ مُبَكِّرًا - وَمَا ذلِكَ إِلَّا لِلذَّبِّ عَنْ هذا الدِّينِ القَويم - وخَاصّةَ في أَعْقَابِ الفِتَنِ الَّتِي ظَهَرَتْ مَعَ بِدَايَةِ خِلَافةِ الْإِمَامِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وبالْأَخَصِّ مَعَ نِهَايَةِ خَلَافةِ الْإِمَامِ عَليِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ، حَيْثُ اسْتُشْهِدَا غَدْرًا.

مِمّا أَدَّى إِلَى تَمَزُّقِ الْأمَّةِ وَتَفَرُّقِ رِجَالِها، فَفَشَى الكَذِبُ وظَهَرَ الوَضْعُ فِي حَدِيْثِ رَسُولِ اللهِ .

فَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: لَمَّا أَحْدَثُوا تِلْكَ الْأَشْيَاءِ بَعْدَ عَلى ، قَالَ رَجُل مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ: قَاتَلَهُمُ اللهُ، أَيُّ عِلْمٍ أَفْسَدُوا (١).

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الْإِسْنَادِ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الفِتنَةُ، قَالُوا: سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ، فَيُنْظَرُ إلَى أَهْلِ السُّنَّةِ فَيُؤخَذُ حَدِيثُهُمْ، وَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فَلَا يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ (٢).

وَلِذلِكَ أَصْبَحَ طَلَبُ الإِسْنَادِ وَالوُقُوفُ عَلَيْهِ مِنْ الدِّيْنِ وَخَصِيْصَةً فَاضِلَةً مِن خَصَائِصِ هذِهِ الْأُمَّةِ، وَسُنَّةً بَالِغَةً مِنَ السُّنَنِ.

قَال ابنُ سِيرِيْنَ: إِن هذَا الْعِلْمَ دَينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأَخُذُونَ دِينَكُمْ (٣).

يَقُولُ الإِمَامُ السَّخَاوِيُّ (٤) رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ رُوِّيْنَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي


(١) شرح صحيح مسلم: ١/ ٤٠.
(٢) المصدر السابق: ١/ ٤٤.
(٣) المصدر السابق: ١/ ٤٤.
(٤) فتح المغيث شرح ألفية الحديث: ٣/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>