للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثنا يحيى بن معين قال: أخطأ عفان في نيف وعشرين حديثًا ما أعلمت به أحدًا، وأعلمته فيما بيني وبينه، ولقد طلب إلى خلف بن سالم أن أذكرها، فما قلت له قال يحيى، وما رأيت على رجل قط خطأ إلا سترته، وإما استقبلت رجلًا في وجهه بما يكره، ولكن أبين له خطأه، فإن قبل وإلا تركته وقال موسى بن حمدون عن أحمد بن عقبة: سمعت يحيى بن معين يقول: من لم يكن سمحًا في الحديث كان كذابًا قيل له: وكيف يكون سمحًا؟ قال: إذا شك في الحديث تركه وقد انفرد يحيى بأشياء في الفقه يخالف فيها مذهبه منها قال عباس الدوري: سمعت يحيى في زكاة الفطر لا بأس أن يعطي فضة، وسمعت يحيى يقول: لا أرى الصلاة على الرجل بغير البلد، ولا أرى أن يزوج الرجل امرأته على سورة من القرآن. وفي الرجل يصلي خلف الصف وحده قال: يعيد. وفي امرأة ملكت أمرها رجلًا فأنكحها قال: بل يذهب إلى القاضي فإن لم يكن فإلى الوالي وذكر عنه شيئًا غير ذلك. وقال سعيد بن عمرو البردعي: سمعت أبا زرعة الرازي يقول: كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن أحد ممن امتحن، فأجاب، وذكر ابن معين وأبا نصر التمار وقال أبو بكر بن المقري: سمعت محمد بن عقيل البغدادي يقول: قال إبراهيم بن هانئ: رأيت أبا داود يقع في يحيى بن معين، فقلت: تقع في مثل يحيى بن معين، فقال: من جر ذيول الناس جروا ذيله. وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: ولد يحيى بن معين سنة ثمان وخمسين ومائة، ومات بمدينة الرسول (١) سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وله سبع وسبعون سنة إلا نحوًا من عشرة أيام. وقال الحسين بن فهم: سمعت ابن معين يقول: ولدت في خلافة أبي جعفر سنة ثمان وخمسين ومائة في آخرها. وقال الدوري (٢): نحو ما قال البخاري وزاد: قبل أن يحج وفيها أرخه غير واحد. زاد عباس في موضع آخر: ونودي بين يديه هذا الذي كان ينفي الكذب عن رسول الله . وزاد إبراهيم بن المنذر. فرأى رجل النبي وأصحابه مجتمعين، فسألهم، فقال: جئت لهذا الرجل أصلي عليه فإنه كان يذب الكذب عن حديثي وقال حبيش بن مبشر: رأيت يحيى بن معين في النوم، فقلت: ما فعل الله بك، فقال غفر لي وأعطاني وزوجني ثلاث مائة حوراء وأدخلني عليه مرتين وقال عبد الله بن أحمد: قال فيه بعض أهل الحديث:

ذهب العليم بعيب كل محدث … وبكل مختلف من الإسناد

وبكل وهم في الحديث ومشكل … يعني به علماء كل بلاد

وقال الخطيب (٣): كان إمامًا ربانيًا عالمًا حافظًا ثبتًا متقنًا. قلت: وقال ابن حبان (٤) في الثقات: أصله من سرخس، وكان من أهل الدين والفضل، وممن رفض الدنيا في جميع السنن، وكثرت عنايته بها، وجمعه، وحفظه إياها حتى صار علمًا يقتدى به في الأخبار، وإمامًا يرجع إليه في الآثار، وقال العجلي (٥): ما خلق الله تعالى أحدًا كان أعرف بالحديث من يحيى بن معين، ولقد كان يجتمع مع أحمد وابن المديني ونظرائهم، فكان هو الذي ينتخب لهم الأحاديث لا يتقدمه


(١) لسبع ليال بقين من ذي القعدة وغسل على أعواد النبي وحمل على سريره ودفن بالبقيع وصلى عليه صاحب الشرطة.
(٢) الدوري: ٢/ ٦٥٤.
(٣) تاريخ: ١٤/ ١٧٧.
(٤) الثقات: ٩/ ٢٦٢.
(٥) الثقات: ٤٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>