قال القتيبي: هي التي يختارها الرجل لمركبه ورحله، على النجابة، وتمام الخلق، وحسن المنظر، فإذا كانت في جماعة الإبل عرفت.
يقول: فالناس متساوون ليس لأحد منهم فضل في النسب، ولكنهم أشباه، كإبل مائة ليس فيها راحلة.
قال الأزهري: غلط في شيئين من هذا الحديث:
أحدهما: أنه جعل الراحلة ناقة: وليس الجمل عنده راحلة، والراحلة عند العرب يكون الجمل النجيب والناقة النجيبة وليست الناقة أولى بهذا الاسم من الجمل، والهاء فيه للمبالغة، كما يقال رجل داهية، وراوية.
وقيل: إنما سميت راحلة: لأنها ترحل، كما قال الله تعالى:{فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} أي: مرضية، وكما قال:{خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} أي: مدفوق.
وأما قوله: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن الناس متساوون في النسب ليس لأحد منهم فضل، ولكنهم أشباه كإبل مائة، فليس المعنى الذي ذهب إليه.
والذي عندي فيه: أن الله تبارك وتعالى ذم الدنيا وحذر العباد سوء مغبتها، وضرب لهم فيها الأمثال، ليعتبروا، كقوله:{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ ... } الآية، وما أشبهها من الآى.
فكان النبي يحذرهم مما حذرهم الله، ويزهدهم فيها، فرغب أصحابه بعده فيها، وتشاحوا عليها، حتى كان الزهد في النادر القليل منهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (تجدون الناس بعدي كإبل مائة ليس فيها راحلة) أراد: أن الكامل في الزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة قليل.