واللبن، فنحرها يهون عليه، وبذلها لا يشفق منه، وهذا كقولهم قال فلان: كذا على رسله أي: على استهانة من بالقول، فكان وجه الحديث: إلا من أعطى في هزالها وسمنها، أي: في حال الصن بها لسمتها، وحال هوانها عليه، لهزالها، كما تقول في المنشط والمكره.
والقول الآخر:(ورسلها) لبنها، قال أبو عبيد قد علمت أن الرسل اللبن وليس له في هذا الحديث معنى، وقال غيره: له معنى فيه، لأنه ذكر الرسل بعد النجدة على جهة التفخيم للإبل، فجرى مجرى قولهم: إلا من أعطى في سمنها وحسنها ووفور لبنها، هذا كله يرجع إلى معنى واحد ولم يذكر الهزال لأن من بذل حق الله تعالى من المضنون به كان إلى إخراجه مما تهون عليه أسرع، وليس لذكر الهزال بعد السمن معنى لوضوح المعنى وبيانه.
وقال ابن الأعرابي: إلا من أعطى في رسلها، أي: بطيب نفس منه.
وفي حديث الخدري: أنه قال: (رأيت في عام كثر فيه الرسل البياض أكثر من السواد، ثم رأيت بعد ذلك في عام كثر فيه التمر السواد أكثر من البياض) الرسل اللبن، وهو البياض، إذا كثر قل التمر وهو السواد، وأهل البدو يقولون: إذ كثر البياض قل السواد، وإذا كثر السواد قل البياض.
وفي حديث فيه ذكر السنة:(ووقير كثير الرسل قليل الرسل) قوله: (كثير الرسل) يعني: الذي يرسل منها إلى الرعي كثير، أراد: أنها كثيرة العدد قليلة اللبن، قال: ابن السكيت: الرسل من الإبل والغنم ما بين عشر إلى خمس وعشرين.