للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعمد إلى المدينة، وأنزلها، وأخلي بين معاوية وبين هذا الحديث، فقد طالت الفتنة، وسفكت فيها الدماء، وقطعت فيها الأرحام، وقطعت السبل، وعطلت الفروج يعني: الثغور. فقال ابن جعفر: جزاك الله عن أمة محمد خيرًا، فإنا معك على هذا الحديث، فقال الحسن: ادع لي الحسين فبعث إلى الحسين، فأتاه، فقال: أي أخي إني قد رأيت رأيًا، واني أحب أن تتابعني عليه. قال: ما هو؟ فقص عليه الذي قص على ابن جعفر. قال الحسين: أعيذك بالله أن تكذب عليًا في قبره، وتصدق معاوية، فقال الحسن: والله ما أردت أمرًا قط، إلا خالفتني إلى غيره، والله لقد هممت أن أقذفك في بيت فأطينه عليك حتى أقضي أمري، فلما رأى الحسين غضبه قال: أنت أكبر ولد علي، وأنت خليفته، وأمرنا لأمرك تبع، فأفعل ما بدا لك، فقام الحسن، فقال: يا أيها الناس إني كنت أكره الناس لأول هذا الحديث (١)، وأنا أصلحت آخره لذي حق أديت إليه حقه أحق به مني، أو حق جدت به لصلاح أمة محمد ، وإن الله قد ولاك يا معاوية هذا الحديث لخير يعلمه عندك، أو لشر يعلمه فيك، وإن أدري لعله فتنة لكم، ومتاع إلى حين، ثم نزل. وقال عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه: قلت للحسن بن علي: إن الناس يزعمون أنك تريد الخلافة، فقال: كانت جماجم العرب بيدي يسالمون من سالمت، ويحاربون من حاربت فتركتها ابتغاء وجه الله، ثم ابتزها بأناس أهل الحجاز. وقال ابن عون، عن عمر بن إسحاق: دخلت أنا ورجل من قريش على الحسن بن علي، فقام فدخل المخرج، ثم خرج، فقال: لقد لفظت طائفة من كبدي، ولقد سقيت السم مرارًا إلى أن قال: ثم عدنا إليه من غد وقد أخذ في السوق فجاء حسين، فقعد عند رأسه، فقال: أي أخي من صاحبك؟ قال: تريد قتله؟ قال: نعم. قال: لئن كان صاحبي الذي أظن لله أشد له نقمة، وإن لم يكنه ما أحب أن تقتل بي بريئًا. وقال أبو معاوية، عن مغيرة، عن أم موسى يعني: سرية علي: إن جعدة بنت الأشعث بن قيس سقت الحسن السم، فأشتكى منه شكاة، فكان يوضع تحته طست، وترفع أخرى نحوًا من أربعين يومًا. وقال أبو عوانة، عن حصين، عن أبي حازم: لما حضر الحسن، قال للحسين: ادفنوني عند أبي يعني: النبي إلا أن تخافوا الدماء، فإن خفتم الدماء فلا تهريقوا في دمًا، ادفنوني في مقابر المسلمين. وقال سالم بن أبي حفصة، عن أبي حازم: إني لشاهد يوم مات الحسن، فرأيت الحسين يقول لسعيد بن العاص، ويطعن في عنقه: تقدم فلولا أنها سنة ما قدمت، وكان بينهم شيء، فقال أبو هريرة: أتنفسون على ابن نبيكم بتربة تدفنونه فيها، وقد سمعت رسول الله يقول: من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني. وقال ابن إسحاق: حدثني مساور مولى بني سعد بن بكر قال: رأيت أبا هريرة قائمًا على المسجد يوم مات الحسن يبكي، وينادي بأعلى صوته: يا أيها الناس مات اليوم حب رسول الله ، فأبكوا. وقال ابن عيينة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه: قتل علي، وهو ابن ثمان وخمسين سنة، ومات لها الحسن، وقتل لها الحسين. وقال معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر: مات الحسن، وهو ابن سبع وأربعين سنة. وقال: كذا قال خليفة بن خياط (٢)


(١) وفي تهذيب الكمال - وإن أصلحت أمره.
(٢) الطبقات: ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>