فلو كان العرض البدن والجسم على ما ادعى، لم يكن مسكين ليقول: أنه مهزول سمين عرضه إذا كان مستحيلا للقائل أن يقول: رب مهزول سمين جسمه لأنه مناقضه، وإنما أراد رب مهزول جسمه كريمة أفعاله والذي احتج به من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (إنما هو عرق يخرج من أعراضهم) لا حجة فيه، لأن الحديث على غير ما تأوله، قال الأموي: الأعراض المغابر وهي المواضع التي تعرق الجسد، وقول أبي الدرداء:(أقرض من عرضك ليوم فقرك) معناه من عابك وذم أسلافك فلا تجاره، وقول أبي ضمضم:(إني تصدقت بعرضي على عبادك) معناه: قد تصدقت على من ذكرني أو ذكر أسلافي بما يرجع إلى عيبه، ولم يرد أنه أحله من أسلافه لكنه إذا ذكر أباه ألحقه بذكرهم /نقيصة وأحله مما أوصله من الأذى، وأراد حسان فأن أبي ووالده وجميع أسلافي الذين أمدح بهم وأذم من جهتهم، فأتى بالعموم بعد الخصوص، والدليل على أن العرض ليس بالنفس ولا البدن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (دمه وعرضه) فلو كان العرض هو النفس لكان قوله دمه كافيا من قوله: عرضه؛ لأن الدم يراد به ذهاب النفس.
ويدل على ذلك قول عمر- رضي الله عنه- للحطيئة:(فاندلعت تغني بأعراض المسلمين) معناه بأفعالهم وأفعال أسلافهم، قال الشاعر:
وأدرك ميسور الغنى ومعي عرضي
أي أفعالي الجميلة، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لي الواجد يحل عقوبته وعرضه)