للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاصمٌ؛ أخرَجَهُ ابنُ المنذِرِ (١).

وهذا الصحيحُ عنِ الخلفاءِ الراشدِين في قصرِ الصلاة، ولا أعلَمُ عن أحدٍ منهم مَن حَدَّ السفَرَ الذي يُقصَرُ فيه بمسافةٍ زمنيَّةٍ، ولا طُوليَّةٍ، وإنَّما هي أفعالٌ مجرَّدةٌ حُكِيَتْ عنهم، لا يُجزَمُ بأنَّهم أخرَجوا ما دونَها، فلا يُترَخَّصُ فيها، وهي شبيهةٌ بالأفعالِ المحكيَّةِ عنِ النبيِّ التي تدلُّ على عمومِ الترخُّصِ، لا حدِّ السَّفرِ بزمَنٍ ولا بطولٍ، وما ترَكُوا ذلك إلَّا لأنَّ السَّفَرَ لا يَنضبِطُ باطِّرادِ على كلِّ زمنٍ ولا على كلِّ مَسِيرٍ.

وقد جاء عمِّن دونَهُمْ مِن الصحابةِ أقوالٌ في حدِّ السفرِ بمَسِيرٍ أو بمكانٍ أو زمانٍ، ولكنْ ما مِن أحدٍ منهم صَحَّ الحدٌّ عنه في قولٍ إلَّا صحَّ عنه مِن وجهٍ آخَرَ ما يُخالِفه؛ فقد صَحَّ عنِ ابنِ عبَّاسٍ؛ أنَّه قال: "لَا تَقصُرْ إلَى عَرَفَةَ وَبَطْنِ نَخْلَةَ، وَاقصُرْ إِلَى عُسْفَانَ وَالطَّائِفِ وَجُدَّةَ، وَلَا تَقصُرُوا الصَّلَاةَ إِلا فِي الْيَوْمِ التَّامِّ، وَلَا تَقصُرْ فِيمَا دُونَ اليوْمِ"؛ رواهُ عنه عطاءٌ (٢)، ورواهُ الشافعيُّ في الأمِّ (٣)، وروى مجاهدٌ (٤) وعِكرِمةُ (٥) وأبو حِبَرَةَ (٦) عنه تَقيِيدَة باليومِ التامِّ.

وتَرخَّصَ ابن مسعودٍ بالقَصْرِ مِن الكوفةِ إلى النَّجَفِ (٧)، وبينهما بضعةَ عشَرَ كيلًا، ونرخَّصَ أيضًا بأربعةِ فَراسِخَ (٨)، ولم يُرخِّصْ حذيفةُ


(١) أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (٣/ ٩٣).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٤٢٩٦) (٢/ ٥٢٤)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٨١٤٠) و (٨١٤٧) (٢/ ٢٠٢).
(٣) "الأم" (١/ ٢١١)
(٤) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٤٢٩٩) (٢/ ٥٢٤)، وابن أبي شيبة في "مصنفة" (٨١٣٥) (٢/ ٢٠١).
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٨١١٩) (٢/ ٢٠٠).
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٨١٣٣) (٢/ ٢٠١)
(٧) أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (٢/ ٤٢٢).
(٨) ينظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>