للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتولَّى الرجُلُ كاملُ الأهليَّةِ على المرأةِ كاملةِ الأهليَّة، لا العكسُ، ولكن تتولَّى المرأةُ على الرجلِ ناقصِ الأهليَّةِ؛ كالصغيرِ والأسيرِ والمريضِ، وبمقدارِ ما يَفُوتُ مِن الرجلِ تتولَّاهُ المرأةُ إلَّا ما اسْتَثنَتْهُ الشريعةُ بعينِه، وتتولَّى المرأةُ على المرأةِ كامِلةً أو ناقصةً إلَّا ما اسْتَثْنَتْهُ الشريعةُ؛ كالنِّكاحِ؛ فلا تُزوِّجُ الأمُّ ابنتَها؛ لأنَّه لا يَصِحُّ منها أنْ تُزَوِّجَ نفسَها.

فطرةُ اللهِ للجنسَيْنِ:

وقولُه تعالى: ﴿بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾:

فَطَرَ اللهُ كلَّ جنسٍ على فِطْرةٍ واحدةٍ، وخَصَّ كلَّ واحدٍ منهما بخصائصَ ليستْ في الآخَرِ؛ ففي الرجُلِ مِن الخصائصِ الفِطْريَّةِ مِن القوَّةِ والصبرِ وبَسْطَةِ الجسمِ ما ليس في المرأة، وفي المرأةِ مِن الرحمةِ والتحنُّنِ على الولدِ والصبرِ على رعايتِه ما ليس في الرجُلِ؛ فلكلِّ جنسٍ فضلٌ ليس في الآخَر، وفي هذا قولُهُ تعالى: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (٣٢)[النساء: ٣٢].

معنى التفاضُلِ بين الجنسَيْنِ:

والمقصودُ بالفضلِ: الزيادةُ، وهو ضِدُّ النقص، والجمعُ فُضُولٌ؛ يعني: ما زادَ اللهُ به بعضَهم على بعضٍ، ولمَّا كان السِّيَاقُ في تقديمِ الرجُلِ في القِوَامةِ والوِلَاية، كان المقصودُ فَضْلَ الرجل، والفضلُ في الآيةِ على نوعَيْنِ:

الأولُ: فِطْريٌّ خِلْقيٌّ، وهو ما ينشَأُ الرجلُ أو المرأةُ عليه؛ كقوَّةِ الرجُلِ وبَسْطَتِهِ وصبرِه؛ وهذا لا يُكتسَبُ حيثُ تَقْوَى المرأةُ على اكتسابِه؛ فهذا استرجالٌ منهيٌّ عنه، ومِثلُه تنعُّمُ الرجُلِ وترقيقُ صوتِهِ وتكسُّرُ مِشْيَتِه؛ وهو استئناثٌ منهيٌّ عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>