للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ -قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: وَلَا يَنْظُرُ إِليْهِمْ - وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ) (١).

ويوسُفُ عظَّمَ الذنبَ مِن جهتَيْه: مِن جهةِ حقِّ الله، ومِن جهةِ حقِّ المخلوقِ عليه.

حُكْمُ الوَعْظِ بوازِعِ الطَّبْعِ:

وفي هذا: دليلٌ على جوازِ الاستِدلالِ بوَازِعِ الطبعِ على الإقلاعِ عن المحرَّم، ولكنَّ الكمالَ ألَّا يُذكَرَ إلَّا بعدَ وازِعِ الشرع، وهو الخوفُ مِن الله، وأنَّه يجوزُ وعظُ الناسِ للإقلاعِ عن المحرَّمِ بوازعِ الطبعِ؛ كقولِ: لا يصحُّ مِن العربِ ولا أخلاقِهم الخيانةُ والغدرُ والفجورُ؛ وذلكَ أنَّ طلبَ الإقلاعِ عن المحرَّمِ أهوَنُ مِن طلبِ الامتثالِ بالعبادة، وأعظَمُ الغاياتِ في الحرامِ هو أن يُترَكَ، وأعظَمُ الغاياتِ مِن فعلِ العبادةِ إخلاصُها للهِ؛ فإنَّ الحرامَ لو ترَكَهُ الإنسانُ لغيرِ الله، لم يَأْثَمْ، لكنَّه لا يُؤجَرُ، ولكنَّ العبادةَ لو فعَلَها أحدٌ لغيرِ الله، أشرَكَ بفعلِه ذلك، بل تركُهُ لها خيرٌ مِن إنشائِها لغيرِ اللهِ.

ولا بجوز أن يُوعَظَ الناسُ بالطبعِ المجرَّدِ عن قصدِ التعبُّدِ بفعلِ العبادات، ولكنْ يصحُّ تَبَعًا؛ كأنْ يأمُرَهُ بالصلاةِ والصيامِ والحجِّ ويُذكِّرَهُ بحقِّ اللهِ ووجوبِ الوفاءِ له بامتثالِ أمرِه، ثم يذكُرَ فضلَ قومِهِ وأخلاقَهُمْ وصِدقَهُمْ وعادتَهُمْ للهِ.

ويَدُلُّ على جوازِ الوعظِ للإقلاعِ عن المحرَّمِ بوازعِ الطبعِ قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: (مَنِ اتَّقَى الشُّبُهَات، اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ) (٢)؛ يعني: حتى لا يقَعَ الناسُ فيه؛ فعليه أنْ يَحمِيَ عِرْضَهُ بتَرْكِ الشُّبُهاتِ.


(١) أخرجه مسلم (١٠٧).
(٢) أخرجه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>