وقال بعضُ أهلِ الرأي: بصحَّةِ الخُلْعِ مع الإثمِ؛ وهذا قولٌ يُخالِفُ ما عليه السلفُ وظواهرَ الأدلَّةِ؛ كهذه الآية، وحديثِ امرأةِ ثابتٍ.
ونُقِلَ عن مالكٍ جوازُهُ إذا رَضِيَتْ ولو كان النشوزُ مِن قِبَلِ الزوجِ، ويَحِلُّ له ما أخَذَهُ مِن مالِها.
وأمَّا لو رضِيَتِ المرأةُ، وأعطَتْ زوجَها المالَ بلا شرطٍ منه، وهو يُرِيدُ طلاقَها بلا مقابلٍ، ولم يظهَرْ منه ما يُضِرُّ بها ويُلْجِئُها إلى مُخالعتِه، فأرادَت أنْ تكونَ حَسَنَةَ العهدِ، ولها اليدُ عليه، صحَّ وجازَ؛ لأنَّ اللهَ نَهَى عن الإضرار، وهذا ليس بإضرارٍ.
أخذُ مهرِ مَنْ فعَلَتِ الفاحشةَ:
وأباحَ اللهُ أخْذَ المهرِ منهنَّ إذا أَتَيْنَ بفاحشةٍ، والفاحشةُ هنا: كلُّ ما فَحُشَ مِن القولِ؛ مِن البذاءةِ واللعنِ والقذفِ والسَّبِّ والتعيِيرِ؛ وبهذا قال عامَّةُ السلفِ مِن المفسِّرينَ؛ فالفاحشةُ في هذا الموضِعِ غيرُ الفاحشةِ في الآياتِ السابقةِ؛ فهي هناك يُرادُ بها الزِّنى، وهذه قرينةٌ على أنَّ الآيةَ مُحكَمةٌ لا منسوخةٌ؛ كما يقولُه عطاءٌ والشافعيُّ؛ فعامَّةُ المفسِّرينَ مِن السلفِ على أنَّ الفاحشةَ في هذه الآيةِ: بذاءةُ اللسان، وقد قال ذلك ابنُ عبَّاسٍ وابن مسعودٍ والضحَّاكُ وقتادةُ.
وخالَفَ أبو قِلَابَةَ، فقال: إنَّ الفاحشةَ في هذا الموضِعِ هي الزِّنى، ورُوِيَ نحوُه عن ابنِ سِيرِينَ.
وهذا القولُ فيه نظرٌ؛ فالزِّنى أعْلى الفاحشة، ولكنَّ الفاحشةَ هي الزيادةُ؛ أيْ: كلُّ ما خرَجَ عن المباحِ مِن الأقوالِ والأفعال، وعندَ العربِ الفواحشُ: القبائحُ، ففي "الصحيح"؛ قال النبيُّ ﷺ لعائشةَ:(عَلَيْكِ بِالرِّفْق، وَإِيَّاكِ وَالعُنْفَ وَالفُحْشَ)(١)، وفي "الصحيحينِ"؛ مِن حديثِ