للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكمُ بيعِ الماءِ وعُشْبِ الأرضِ:

وليس لأحدٍ أنْ يبيعَ ما لا يَملِكُهُ منها؛ كمياهِ البحرِ ومياهِ الأنهارِ والغُدْرانِ وعُشْبِ الأرض، ما لم يكنْ منه مَؤُونةٌ عليه؛ كالمياهِ المصنَّعةِ وعُشْبِ أرضِهِ وبُسْتانِهِ وبيتِهِ الذي يَحْمِيهِ ويَسْقِيه، وفي "صحيحِ مسلمٍ"؛ مِن حديثِ جابرٍ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيعِ فَضْلِ المَاءِ (١).

ومنعُ فضلِ الماءِ الذي لم تَعمَلْهُ اليدُ عن ابنِ السَّبِيلِ كبيرةٌ مِن كبائرِ الذُّنُوب، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ: رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهُوَ كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ العَصْرِ؛ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللهُ: اليَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ)؛ رواهُ البخاريُّ، وهو في مسلمٍ مختصَرًا (٢).

حكمُ بيعِ منافعِ الأرضِ الطبيعيَّةِ:

وكلُّ ما يَنتفِعُ الناسُ به، وجعَلَهُ اللهُ في الأرض، ولم يَملِكْهُ أحدٌ بعينِه: فلا يجوزُ لأحدٍ بيعُهُ ولو كان سُلْطانًا؛ سواءٌ كان مطعومًا كالمِلْحِ والماءِ والعُشْب، أو كان يُتَّخَذُ منه سكنٌ؛ كأعوادِ الشجرِ وحجارةِ الأرضِ وتُرابِها؛ وهذا ما تدُلُّ عليه ظواهرُ الأدلَّة، وقد جاءَ في "المسنَد"، و"سُننِ أبي داودَ"؛ حديثٌ ضعيفٌ عن بُهَيْسَةَ، أنَّ أباهَا قال: يَا نَبِيَّ الله، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ: (المَاءُ)، قَالَ: يَا نَبِيَّ الله، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ: (الْمِلْحُ)، قَالَ: يَا نَبِيَّ الله، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ: (أَنْ تَفْعَلَ الْخَيْرَ خَيْرٌ لَكَ) (٣).


(١) أخرجه مسلم (١٥٦٥).
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٦٩)، ومسلم (١٠٨).
(٣) أخرجه أحمد (٣/ ٤٨٠)، وأبو داود (١٦٦٩، و ٣٤٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>