للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقوقُ المَوَالي:

وقولُه: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}: هم الموَالي عبيدًا وإماءً، والإحسانُ إليهم: إطعامُهم وكسوتُهم وعدمُ ضربِهم وسَبِّهم، وانِ احتاجُوا وخَشِيَ عليهم العَنَتَ، زوَّجَهم وكَفَاهُم، ولا يُكلِّفُهم ما لا يُطِيقُونَ، ويُجلِسُهُمْ إلى طعامِهِ ويُؤاكِلُهُم.

وَيقضي حاجتَهُمْ كما كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقضي حاجةَ خَدَمِهِ ومَوَالِيه، وخَدَمِ غيرِهِ ومَوَالِيهم، وينتصرُ لهم ممَّن ظَلَمَهم؛ كما انتَصَرَ لبَرِيرَةَ مِن ظُلْمِ أهلِها باشْتراط ولائِهِمْ مع أنَّ العِتْقَ مِن غيرِهم، وفي "الصحيحِ"؛ مِن حديثِ أنِسٍ؛ قال: "إِنْ كَانَتِ الأمَةُ مِنْ إمَاءِ أَهلِ المَدِينَة، لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَتَنطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شاءَتْ" (١).

والمَوَالي أكثَرُ الناسِ تعرُّضًا للظُّلْمِ؛ لأنَّهم يَنشغِلُونَ بالخِدْمةِ وقضاءِ الحاجاتِ في الأسواقِ يَبِيعُونَ وَيشتَرُونَ، ويَجلِبُونَ المتاعَ وَيحمِلونَه، ويَسْقُونَ وَيَزرعونَ.

ذمَّ الكِبرِ وآثارُهُ:

وقولُه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}: ذكَرَ الله صِفَتَيْنِ: الخُيَلاءَ والفخرَ، وجامِعُهما: الكِبْرُ؛ فالكِبرُ يَحُولُ بينَ العبدِ وبينَ النفقةِ والإحسانِ إلى الفقراءِ والضعفاءِ ومُجالَسَتِهم، وبِرِّ الوالدَيْنِ والأقرَبِينَ والإحسانِ إليهم؛ فاللهُ لمَّا ذكَرَ عيسى بنَ مريمَ، ذكَرَ عنه قولَهُ: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} [مريم: ٣٢]؛ فالكِبرُ والتجبُّرُ يَمْنَعُ مِن البِرِّ للوالدَيْنِ فضلًا عن غيرِهم، وكلَّما زاد الكِبْرُ، نقَصَ معه البِرُّ، فالمتكبِّرُ يترفَّعُ عمَّا يَظُنُّ أنَّه يَضَعُهُ كخِدْمةِ غيرِه والابتذالِ له كوالدِه، وإنْ أراد الإحسانَ، وضَعَ بينَهُ وبينَ والدَيْهِ خادمًا، وهو قادرٌ، فلا يُباشِرُ مِن البِرِّ بنفِسهِ شيئًا.


(١) أخرجه البخاري (٦٠٧٢) (٨/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>