للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إذَا أصَابَ بحَدِّهِ فَكُلْ، وَإِذَا أَصَابَ بعَرضِهِ فَقَتَلَ، فَإنَّهُ وَقيذٌ؛ فَلَا تأكل) (١).

وبهذا فسَّر الآيةَ ابنُ عباسٍ وقتادةُ وغيرهما مِن السلفِ (٢).

وما مات مِن الصيدِ بعَرْضِ السهمِ أو بالحَجَرِ أو بالعَصَا ولم يَخْزِقْ ويَسفَحِ الدم، فلا يجوز بالإجماعِ.

موتُ الصيدِ بثقلٍ:

وقد اختلَفُوا في موتِ الصيدِ بثِقْلِ الجارحةِ؛ كالصَّقرِ والبَازِيُ أو الكلبِ المعلَّم، ولم يَجرَحهُ، وفي المسألةِ قولانِ:

الأوَّلُ: الحِلُّ؛ لأن اللهَ أباحَ ما أمسَكنَ علينا ولم يفصِّلْ؛ كما في قولِهِ تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾ [المائدة: ٤]، حُكِيَ هذا القولُ عن الشافعيّ، ورجَّحَهُ النووي والرافعيُّ، ورواهُ الحسنُ بن زيادٍ عن أبي حنيفةَ.

والثاني -وهو الذي عليه الجمهورُ، وهو الأظهَرُ مِن قولِ الشافعي، ورجَّحَهُ المُزَنِيُّ-: أنه وقيذٌ؛ لحديثِ عديِّ السابقِ؛ فإنَّ الآيةَ مجمَلةٌ، والحديثَ مفسِّرٌ لها، وفي السنةِ مزيدُ بيانٍ، والعادةُ في القرآنِ الإجمالُ.

والصحيحُ عن أبي حنيفةَ؛ التحريمُ؛ كما نقَلَهُ عنه أبو يوسُفَ ومحمدُ بن الحسن، وهما أصحُّ نقلًا وأخذًا مِن الحسنِ بنِ زيادِ عن أبي حنيفة.

وفي "الصحيحَينِ"؛ من حديثِ رافعِ بنِ خَدِيجٍ؛ قال: إِنَّا نَرجو -أو نَخَافُ- العَدُوَّ غَدًا، ولَيسَت معَنَا مُدًى، أفنذبَحُ بالقَصَبِ؟ قَال: (مَا أنهَرَ


(١) أخرجه البخاري (٥٤٧٦) (٧/ ٨٦)، ومسلم (١٩٢٩).
(٢) "تفسير الطبري" (٨/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>