للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ردةُ أحد الزوجَيْنِ:

فالرِّدَّةُ مِن أحدِ الزوجَيْنِ تُوجِبُ الحيلولةَ بينَهما بلا خلافٍ؛ كانتِ الردةُ قبلَ الدخولِ أو بعدَه.

وإنِ ارْتَدَّ أحدُ الزوجَيْنِ قبلَ الدخولِ، انفسَخَ النكاحُ ولم يُعْتَدَّ به، ولا عِدَّةَ بينهما.

وأمَّا الردَّةُ بعدَ الدخولِ، فقد جعَلَها فسخًا وليست طلاقًا أبو حنيفةَ والشافعيُّ وأحمدُ، وروايةٌ عن مالكٍ حكَاها ابنُ المَاجِشُونِ.

وقال المالكيَّةُ ومحمدُ بنُ الحسنِ: إنَّها طَلْقَةٌ بائنةٌ.

وعلى القولِ بأنَّها فسخٌ لا طلاقٌ، فطلاقُ الزوجِ بعدَ رِدَّتِهِ لا يقعُ؛ لأنَّه وقَعَ على غيرِ زَوْجَتِه؛ وإنَّما على أجنبيَّةٍ عنه، وكذا لو ارتَدَّتِ الزوجةُ قبلَ الدخولِ بها أو خرَجَتْ من عِدَّتِها، فلا يقعُ الطلاقُ عليها حينَئذٍ باتِّفاقِ الأئمَّةِ الأربعةِ.

وإذا عاد الزوجُ بعدَ رِدَّتِهِ إلى إسلامِه، رجَعَتْ إليه، ولا يخلو مِن حالَيْنِ:

إمَّا أنْ يَرجِعَ إلى إسلامِهِ بعدَ انقضاءِ عِدَّتِها، فتعودُ إليه بعقدٍ جديدٍ عندَ عامةِ العلماءِ.

وإمَّا أنْ يَرْجِعَ إلى إسلامِهِ قبلَ انقضاءِ عِدَّتِها؛ فقولانِ للعلماءِ في رجوعِها بعقدٍ جديدٍ أو بعقدِها الأوَّلِ، قال بالثاني الشافعيَّةُ، وهو قولٌ لجماعةٍ مِن الحنابلةِ، خلافًا للمالكيَّةِ الذين جعَلُوا الرِّدَّةَ طلقةً بائنةً حالَ وقوعِ الرِّدَّةِ، ولا عِبْرةَ بالعِدَّةِ، وكذا الحنفيَّةُ الذين أَوْجَبُوا العقدَ الجديدَ ولو عادتْ في أثناءِ العِدَّةِ خلافًا لمحمدِ بنِ الحسنِ منهم.

ولأبي حنيفةَ قولٌ في أنَّ الزَّوْجةَ إنِ ارتدَّتْ بعدَ الدخولِ بها: أنَّه ينفسِخُ نكاحُها، وتكونُ رقيقةً مملوكةً، ولزوجِها تملُّكُها مِن إمامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>