للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السجودَ المنفصِلَ بلا سببٍ، لَلَزِمَ مِن ذلك القولُ بمشروعيَّةِ الركوعِ بلا سببٍ؛ لأنَّ اللهَ يقولُ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧]، والركوع للهِ بلا سببٍ عبادةٌ لم يقُل بها أحدٌ معتبَرٌ مِن علماءِ الإسلامِ.

سجودُ الشكر وصلاتُهُ:

وبعضُ العلماءِ رأى أنَّ للشكرِ صلاةً كما أنَّ له سجودًا، وحمَلُوا الصلاةَ التي صلَّاها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عندَ فتحِ مكةَ على أنَّها صلاةُ الشكرِ للهِ على فتحِ مكةَ، وثبوتُ صلاةِ الشكرِ للهِ على النعمةِ لا يحتاجُ إلى دليلٍ خاصٍّ؛ لأنَّ اللهَ أمَرَ بشُكْرِهِ تعبُّدًا للهِ، والإكثارِ مِن النوافلِ له بلا حصرٍ أو قيدٍ بنعمةٍ معيَّنةٍ، ولكنْ قد تطرأُ نعمةٌ عظيمةٌ فيصلِّي حينَها للهِ شكرًا، وهذا حسَنٌ، ولكنَّ صلاةَ الشكرِ في ذاتِها مشروعةٌ بلا دليلٍ خاصٍّ؛ لأنَّ أصلَ العباداتِ إنَّما هي تضرُّعٌ وعبادةٌ وشكرٌ للهِ؛ ولذا كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُكثِرُ مِن قيامِ الليِلِ حتى تتفطَّرَ قَدَماهُ ويقولُ: (أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟ ! ) (١)، فجعَلَ عبادتَهُ كلَّها شكرًا للهِ، والحديثُ في "الصحيحِ" عن عائشةَ والمُغِيرةِ.

ورُوِيَ عن سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ - رضي الله عنه -؛ أنَّه لمَّا فُتِحَتْ مدائنُ كِسْرَى، صلَّى ثمانيَ ركَعَاتٍ (٢).

وفي حديثِ كعبِ بنِ مالكٍ لمَّا بُشِّرَ بتوبةِ اللهِ - عز وجل - عليه، خرَّ ساجدًا (٣).

وفى "سننِ النَّسائيِّ"؛ مِن حديث سعيدٍ، عن ابنِ عباسٍ؛ أنَّ


(١) أخرجه البخاري (١١٣٠) (٢/ ٥٠)، ومسلم (٢٨٢٠) (٤/ ٢١٧٢).
(٢) ينظر: "البداية والنهاية" (٤/ ٣٠٠).
(٣) أخرجه البخاري (٤٤١٨) (٦/ ٣)، ومسلم (٢٧٦٩) (٤/ ٢١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>