للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُرادِ المتكلِّمِ، ويختلِفُ الناسُ فيها مِن بلدٍ إلى بلدٍ؛ كالوصفِ بالعَهْرِ وعدمِ الشرَفِ ونحوِ ذلك ممَّا يَحتمِلُ معانيَ، منها الزِّنى، وقد اختلَفوا في ذلك على قولَيْنِ، هما روايتانِ عن أحمدَ:

فرأى بعضُهم إقامةَ الحدِّ؛ وهو قولُ مالكٍ، وبه قَضَى عمرُ.

وذهَبَ أبو حنيفةَ والشافعيُّ: إلى عدمِ إقامةِ الحدِّ؛ وهؤلاء الذين يُسقِطونَ الحدَّ لا يُسقِطونَ التعزيرَ بغيرِ الحدِّ بحسَبِ ما يَراهُ الحاكمُ مِن زجرٍ وتأديبٍ.

والأظهَرُ: أنَّ الحاكمَ يُقِيمُ حدَّ القذفِ في قذفِ الكنايةِ إنْ غلَبَ استعمالُهُ بينَ الناسِ على الزِّنى، ما لم يكنْ في سياقِ القولِ قرينةٌ تَصرِفُهُ عن الغالبِ؛ كمَن يتَّهِمُ غيرَهُ بعدَمِ الشرَفِ في سياقِ الحديثِ عن الرِّشْوةِ في الحقوقِ ونحوِ ذلك.

قذفُ الحُرَّةِ والأَمَةِ والكافِرةِ:

وحدُّ الحُرِّ في القذفِ ثمانونَ بلا خلافٍ، سواءٌ كان ذَكَرًا أو أُنثى.

ولا خلافَ أنَّ حدَّ القذفِ حقٌّ للمقذوفِ؛ وإنَّما يَختلِفونَ في إقامتِهِ لحقِّ اللَّهِ عندَ عفوِ صاحبِ الحقِّ:

والجمهورُ: أنَّه لا يُقامُ حتى يُطالِبِ المقذوفُ بحقِّه؛ لأنَّه حقٌّ له، تَلحَقُهُ مَعَرَّتُهُ، وله إسقاطُه؛ وبهذا قال الشافعيُّ وأحمدُ.

ولا خلافَ أنَّ الحدَّ لا يسقُطُ بتوبةِ القاذفِ قبلَ طلبِ المقذوفِ.

وقيَّد اللَّهُ الحدَّ على قاذفِ المُحصَناتِ، وليس على مَن قذَفَ غيرَهُنَّ، وقد تقدَّم الكلامُ على مَعاني الإحصانِ عندَ قولِهِ تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤]، وذكَرْنا أنَّه يُطلَقُ على الإسلامِ والعَفافِ والحريَّةِ والنِّكاحِ، والمرادُ به هنا هو العِفَّةُ بلا خلافٍ؛ وإنَّما اختُلِفَ في إرادةِ بعضِ مَعاني الإحصانِ الأُخرى

<<  <  ج: ص:  >  >>