للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أمرٍ واحدٍ دائم، ولكنْ يقالُ: إنْ أمكَنَ جمْعُهم مِن البقاعِ تحتَ وِلايةٍ واحدةٍ، فهو أولى بالاتِّفاقِ، وبعضُ العلماءِ يحكِي الإجماعَ على وجوبِ ذلك.

وعند تعدد الأمراء المسلمين فكل حاكم له ولايته على أرضه يُسمع له ويُطاع فيما، ومن خرج عن أرضه من رعيته إلى بلد مسلم آخر فيسمع ويطيع لمن في ذلك البلد، وليس عليه للأول شيء لخروجه عن سلطانه، وقد خرج عبادة بن الصامت وأبو الدرداء من حكم معاوية حتى لا يكون لمعاوية عليهما أمر، قال عبادة: "لا أساكنك بأرض لك عليَّ فيها إمرة"؛ وكان ذلك في خلافة عمر فأقرهما (١). وإن تعددت بلدان الإسلام وحكامهم فليس لحاكم منهم أن يمنع أحدًا أن يتحوّل إلى بلد آخر منها؛ لأن منعه من ذلك منع من حقه بسكنى الأرض وحرية السعي فيها، ولا يكون ذلك إلا بعقوبة الحبس؛ لأن المنع من الخروج من الحي والبلد نوع من الحبس، والحبس عقوبة لا تنزل إلا بجُرْم.

التأميرُ في السفرِ، وحكمُهُ:

والتأميرُ كما يكونُ في الحضرِ، يكونُ في السفرِ؛ يؤمِّرُ الجماعةُ فيما بينَهم أميرًا عليهم؛ سواءٌ كان سفرَ جهادٍ أو حجٍّ أو عمرةٍ، أو سفرًا مباحًا؛ قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٤٦].

وفي الحديثِ الذي رواهُ أحمدُ ومسلمٌ وغيرُهما؛ من حديثِ بُرَيْدَةَ؛ قال: كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا أَمَّرَ أميرًا على جيشٍ أو سَرِيَّةٍ، أَوْصاهُ في خاصَّتِهِ بتقْوَى اللهِ (٢).

وروى أبو داودَ وغيرُهُ، عن أبي سعيدٍ وأبي هريرةَ - رضِي اللهُ


(١) أخرجه ابن ماجه (١/ ٨)، ومالك في "الموطأ" (٤/ ٩١٦).
(٢) أخرجه أحمد (٢٣٠٣٠) (٥/ ٣٥٨)، ومسلم (١٧٣١) (٣/ ١٣٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>