للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[يونس: ٥]، وقال: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ﴾ [الإسراء: ١٢]، وقال: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ﴾ [يس: ٣٩].

الحكمةُ مِن النجومِ:

وذكَرَ اللهُ النجومَ للاهتداءِ بها في سَيْرِ البَرِّ والبحرِ؛ كما في قولِهِ تعالى: ﴿جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾، وظاهرُ ذلك: أنَّ النجومَ لم تُجعَلْ لمعرِفةِ مواقيتِ الصلاةِ، ولا جهةِ القِبْلةِ؛ فأمَّا مواقيتُ الصلاة، فتُعرَفُ كلَّها بالشمس، ودَلَالةُ الشمسِ عليها ظاهِرةٌ إلَّا صلاةَ العشاء، فدَلَالتُها عليها باطنةٌ، فبمغيبِ الشمسِ تَظهَرُ النجومُ، فإنْ بعُدَتِ اشتَبَكَتْ، فدخَلَ وقتُ العِشَاء، وإنِ اقترَبَتْ مِن المشرِق، بدأَتِ النجومُ بالإدبارِ والخَفَاءِ؛ فانتهَى وقتُ العِشَاءِ ودخَلَ الفجرُ، وهذا في حقيقتِهِ الباطنةِ مِن دلالةِ الشمس، وفي حقيقتِهِ الظاهرةِ مِن دَلَالةِ النجومِ؛ كما في "المسنَدِ"، و"السُّننِ"؛ مِن حديثِ أبي أيُّوبَ؛ قال : (لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى الْفِطْرَة، مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا المَغْرِبَ حَتَّى تَشْتَبِكَ النُّجُومُ) (١)، وبإدبارِ النجومِ يَنتهي وقتُ العِشاءِ ويَطلُعُ الفجرُ؛ كما قال تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ [الطور: ٤٩]، وصلاةُ الليلِ وقتٌ لصلاةِ العِشاءِ على الأرجح، وقد كان وقتُ قيامِ النبيِّ وأصحابِهِ يَبدأُ بعدَ العِشَاءِ ويَنتهي بالفجر، وقد قال غيرُ واحدٍ مِن السلفِ: إنَّ المرادَ بقولِهِ: ﴿وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ هو دخولُ الفجر، والمرادَ بالتسبيحِ الصلاةُ، وهي الركعتانِ قبلَ الصبحِ؛ كما قاله عليٌّ وابنُ عبَّاسٍ، والشعبيُّ والنخَعيُّ وقتادةُ (٢).


(١) أخرجه أحمد (٥/ ٤١٧)، وأبو داود (٤١٨)، وابن ماجه (٦٨٩).
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" (٢١/ ٦٠٨ - ٦٠٩)، و"تفسير القرطبي" (١٩/ ٤٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>