للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم ثلاثَ رَكَعاتٍ، فكانتْ للنبيِّ ستًّا، وللقومِ ثلاثًا ثلاثًا (١).

ولا يصحُّ، ولا أعلَمُ مَن قال بالصِّفةِ في حديثِ أبي بَكرةَ مِنَ السلفِ إلَّا ما حُكيَ عَنِ الحسن، وهو غريبٌ؛ رواهُ أشعثُ الحُمرانيُّ عنِ الحسنِ عن أبي بكرةَ به، واللهُ أعلمُ.

حملُ السلاحِ في صلاة الخوفِ.

وقوله تعالى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ﴾؛ رفَعَ اللهُ الحرَجَ في حَمْلِ السِّلاحِ في الصَّلاةِ وغيرِها لِمَن يَجِدُ ضَرَرًا وحَرَجًا، ورفعُ الحرَجِ دليلٌ على أنَّ الأصلَ لي حملِ السِّلاح عندَ قُرْبِ العدوِّ ومُواجهتِهِ الوجوبُ، وكلَّما قَرُبَ، عَظُمَ؛ لأنَّ فيه حِفْظًا للنفسِ والعِرْضِ والمالِ.

ورَفْعُ الجُنَاحِ في هده الآيةِ شبيهٌ برَفْعِ الحرَجِ في الآيةِ السابقةِ: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١]؛ لأنَّ الأصلَ وجوبُ إتمامِ الصلاة، فرَفعَ الحرَجَ عنهم فرَخَّصَ في القَصْر، وهُنا جعَلَ الأصلَ في حملِ السِّلاحِ الوجوبَ، فرفَعَ الحرَجَ عندَ الأذى والمرَضِ.

والمراد بالمرَضِ: كلُّ ما أضعَفَ البدَنَ وآذاهُ عندَ حَمْلِ السِّلاحِ؛ كالجِرَاحاتِ والحُمَّى، والأذى: كالمطَرِ وشدَّةِ البردِ والرِّيحِ.

ومع وضعِ السِّلاحِ أمَرَ بأخذِ الحِذْرِ في قولِه ﴿خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾؛ لأنَّه يَغلِبُ معَ وضعِ السِّلاحِ الرَّاحَةً والدَّعَةُ ويَتْبَعُها الغَفلةُ، واللهُ في القرآنِ يأمُرُ بالحذرِ مِن العدوِّ، وينهى عن الخوفِ منه: ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٥]؛ لأنَّ الحذرَ حَزْمٌ وعقلٌ، والخوفَ جُبْنٌ وهزيمةٌ.

واختُلِفَ في المخاطَبِ بحَمْلِ السِّلاحِ: الطَّائفةُ الحارسةُ، أمِ


(١) أخرجه الدارقطني في "سننة" (١٧٨٣) (٢/ ٤١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>