للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثَرُ استحضارِ عَظَمَةِ اللهِ وقوَّتهِ عند لقاءِ العدوِّ:

وفي هذه الآيةِ: إرشادٌ مِن اللهِ لنبيِّه وللمؤمنينَ أنْ يَستحضِرُوا قوةَ اللهِ عندَ قوةِ العدوِّ، وَيستحضِرُوا هيبةَ اللهِ عندَ هيبةِ العدوِّ، وعزةَ اللهِ عندَ عزةِ العدوِّ، وعندَ كلِّ صفةِ قوةٍ وتمكينٍ فيهم أنْ يَستحضِرُوا أنَّ للهِ فيها الكمالَ المُطلَقَ؛ حتى لا يَضْعُفُوا ويَجْبُنُوا ويَنْتَكِسُوا؛ فقال: {وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا}؛ يعني: لا تُرْهِبْكُمُ قوةُ العدوِّ؛ فاللهُ أَقْوَى وأشَدُّ.

* * *

* قال تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} [النساء: ٨٥].

المرادُ بالشفاعةِ: أنْ يُضافَ إلى الفَرْدِ مِثلُهُ وأضعافُ ذلك لِيَعْضُدُوهُ فيما يَرْجُوهُ، وغلَبَ استعمالُهُ على ما يَقبَلُ القِسْمةَ بلا كسرٍ مِن الاثنينِ والأربعة، والستةِ والثمانية، وتُسمَّى الأعدادَ الزوجيَّةَ، ولكنَّها هنا أوسَعُ؛ فالمرادُ بالشفاعةِ: ما ليس بواحدٍ، فلو اعتضَدَ الفردُ الواحدُ باثنَيْنِ لِيُعِينُوهُ، عُدَّتْ شفاعةً ولو كانوا جميعًا ثلاثةً باعتبارِ النِّسْبةِ إلى الفردِ، فهم في حُكْمِ الجهةِ الواحِدةِ، وصاحبُ الحاجةِ جهةٌ أُخرى، فجهةٌ اعتضَدَتْ بجهةٍ ولو كان عددُها فردًا، فيأتي المحتاجُ بواحدٍ أو اثنَيْنِ أو ثلاثةٍ أو أكثَرَ، فيقولُ: أستشفعُ بهم عندَ سُلْطانٍ أو غنيٍّ في كذا وكذا.

الشفاعةُ وفضلُهَا:

والمرادُ بالشفاعةِ في الآيةِ: شفاعةُ الناسِ بعضِهم لبعضٍ، كما قاله مجاهدٌ وغيرُه (١).


(١) "تفسير الطبري" (٧/ ٢٦٩)، و"تفسير ابن المنذر" (٢/ ٨١٢)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ١٠١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>