للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الآيةِ: دليلٌ على أنَّ الذَّبْحَ قبلَ الحَلْقِ؛ {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}، واختَلَفُوا في وجوبِ الترتيبِ في ذلك، وقد قال بالوجوبِ ابنُ عبَّاسٍ، وعَلْقمةُ، وسعيدُ بنُ جُبيرٍ، والنَّخَعيُّ، وغيرُهم.

روى ابنُ أبي حاتمٍ في "تفسيرِه"، عن إبرَاهِيمَ، عن عَلْقَمةَ: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}: "فإِنْ عَجَّلَ فَحَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ نُسُكٍ، قال إِبْرَاهِيمُ: فَذَكَرْتُهُ لِسَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، فَفَالَ: هَذَا قَوْلُ ابنِ عَبَّاسٍ، وَعَقَدَ بِيَدِهِ ثَلاثِينَ" (١).

قولُه: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}:

المرادُ بالمَرَضِ: أيُّ مرَضٍ يُضطَرُّ الإنسانُ معَهُ إلى ارتكابِ محظورٍ مِن محظوراتِ الإحرامِ؛ وذلك كمَرَضِ الرأسِ بالقَرْحِ والحِكَّةِ الشديدةِ، والأَذَى: كالقُمَّلِ الذي يؤذِي؛ لكثرتِهِ فيحتاجُ الإنسانُ لأجلِ ذلك إلى حَلْقِ شعرِ رأسِه.

روى ابنُ أبي حاتمٍ، عن عليِّ بن أبي طَلْحةَ، عن ابنِ عَبَّاسٍ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا}: "يَعْنِي بِالْمَرَضِ: أَنْ يَكُونَ بِرَأْسِهِ أَذًى أَوْ قَرْحٌ" (٢).

كفَّارةُ الأذى:

والكفَّارة في ذلك على التخييرِ بين ثلاثةِ أشياءَ:

أوَّلُها: الفِدْيةُ؛ وهو الدَّمُ ممَّا يُذبَحُ مِثلُهُ هَدْيًا، أدناهُ مِن الغنَمِ، وأعلاهُ مِن الإبلِ.

ثانيها: الصيامُ.

ثالثُها: الإطعامُ.


(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٣٣٧).
(٢) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>