للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجهَ واليدَينِ ومسحَ الرأسِ وغَسلَ القدمَين، وما عدا ذلك فتختلِفُ الأحاديث في إيرادِه، ويعضدُ ذلك ما في "السنَنِ"؛ مِن حديثِ رِفاعةَ بنِ رافع، أن النبي قال لرجل: (تَوَضأ كَمَا أَمَرَكَ اللهُ) (١).

وعلى هذا جَرَى فهمُ أكثرِ السلفِ؛ أن ما لم يذكَر في الآية، فليس بواجب؛ سواء كان ذلك في منطوقِ قولِهم أو ما جرَوْا عليه في بيانِ أحكامِ الوضوء، وقد قال عطاء لما سئلَ عن المضمَضَةِ: "ما لم يُسَمَّ في الكتابِ يُجزِئُهُ" (٢).

وبهذا كان يقولُ أحمدُ بن حنبل لمَّا سُئِلَ عن المضمضةِ والاستنشاقِ أفريضةٌ؟ قال: "لا أقول فريضة إلا ما في الكتابِ" (٣).

إسباغ الوضوءِ:

وفي الآيةِ: ذكَرَ الله الغَسلَ مِن غيرِ عدد، وفي هذا: دليل على أن الواجب استيعاب العضوِ وإنقاؤه، لا ما زاد على ذلك؛ كما جاء في تفسيرِ قولِهِ : (أَسبِغُوا الوضوءَ) (٤)، قال ابن عمرَ: "إِسباغُ الوضوءِ الإنقَاءُ" (٥).

ولا خلاف عندَ السلفِ: أنَّ الوضوء مرة واحدة مع استيعابِ الأعضاءِ أنها مجزئة، ولا خلاف عندَهم: أن الوضوءَ أكثرَ مِن ثلاث مكروه، إلا مَن توضَأ ثلاثا ولم يُنق عضوا فلم يَصِله أو بعضَهُ الماءُ: أنه يستوعبُهُ ولو برابعةٍ وخامسةٍ، وإنما ذُكِرَتِ الثلاثُ؛ لأن الغالبَ إنقاؤُها


(١) أخرجه أبو داود (٨٦١) (١/ ٢٢٨)، والترمذي (٣٠٢) (٢/ ١٠٠)، والنسائي في "السنن الكبرى" (١٦٤٣) (٢/ ٢٤٧).
(٢) "مسائل أبي داود" (١٢).
(٣) "تفسير الطبري" (٨/ ١٦٨).
(٤) أخرحه مسلم (٢٤١) (١/ ٢١٤).
(٥) "صحيح البخاري" (١/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>