للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة غافر]

سورةُ غافرٍ مكيَّةٌ بلا خلافٍ؛ وبهذا قال ابنُ عبَّاسٍ والحسنُ ومجاهدٌ وعِكْرِمةُ، ولا مخالِفَ لهم مِن السلفِ؛ وإنَّما النزاعُ في آيةٍ أو آيتَيْنِ منها (١)، ورُويَ عن ابنِ عبَّاسٍ أنَّ جميعَ الحواميمِ مكيَّةٌ (٢).

وفي سورةِ غافرٍ دعوةُ الكافِرِينَ إلى اللَّهِ، وتحذيرُهُمْ مِن عقابِه، وتذكيرُهُمْ بطريقِ مَن سبَقَهم، وبيانُ عَظَمةِ اللَّهِ وخَلْقِهِ كالملائكةِ والسماءِ والماءِ، وحذَّر مِن يومِ القيامةِ وما فيه مِن حسابٍ وعذابٍ، وذكَّر المشركينَ بجَحْدِهم لبعضِ الأنبياءِ السابقينَ المشابِهِينَ لرسالةِ محمدٍ ، فكانتْ عاقبتُهم السُّوءَ، وذكَّر الإنسانَ بضَعْفِهِ وعَظَمةِ اللَّهِ وقُدْرَتِه.

* * *

* قال اللَّهُ تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٧٩) وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ﴾ [غافر: ٧٩ - ٨٠].

ذكَّر اللَّهُ بنِعْمَتِه بخَلْقِ الأنعامِ وركوبِها وتعدُّدِ منافعِها، وهذا في القرآنِ كثيرٌ؛ لأنَّها ألصَقُ النِّعَمِ بالإنسان، وأظهَرُها بينَ يدَيْه، ومع هذا كان في غَفْلَةٍ عن عَظَمتِها وعن شكرِ اللَّهِ عليها، وقد تقدَّم الكلامُ على


(١) ينظر: "تفسير ابن عطية" (٤/ ٥٤٥)، و"تفسير القرطبي" (١٨/ ٣٢٢).
(٢) ينظر: "الدر المنثور" (١٣/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>