أنَّه لا يجوز إشهادُ أربعِ نِسْوةٍ، وذلك ظاهرٌ في قوله: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾.
مِن أحكامِ الاختلاطِ:
وفي قولٍ شاذٍّ استُدِلَّ بقولِهِ ﴿فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ على جوازِ اختلاطِ الرجالِ بالنِّسَاءِ في المَجَالِسِ، وهذا جَهْلٌ لا يقولُهُ إلا صاحِبُ مَرَضٍ في القلبِ؛ فالآيةُ دالَّةٌ على خلافِ ذلك؛ فاللَّهُ تعالى قال: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾؛ فجعَلَ المرأتَيْنِ تَتَداكَرَانِ عندَ النِّسْيانِ، ولم يَجعَلِ المرأةَ تذكِّرُ الرجلَ، ولا يذكِّرُ الرجلُ المرأتَيْنِ؛ لأنَّ المذاكَرةَ يَلزَمُ منها مجالَسةٌ تَطُولُ، فجعَلَ اللهُ الشهادةَ جائِزةً لأنَّها عابِرةٌ وجعَلَ المذاكَرةَ للمرأتَيْنِ، لا للرجلِ والمرأتَيْنِ؛ لأنَّها مجالَسةٌ دائِمةٌ.
وظاهرُ الآيةِ: قبولُ شهادةِ العبيدِ؛ لعمومِها ولم يُستثْنَوْا منها، وهو قولُ أحمدَ وبعضِ السلفِ.
والجمهورُ: على عدمِ صِحَّةِ شهادةِ العبيدِ؛ وهو عملُ أهلِ مَكَّةَ والمدِينةِ؛ كما رواهُ ابنُ المُنذِرِ عن مجاهِدٍ، قال: "كانَ أَهْلُ مَكَّةَ وأهلُ المَدِينةِ لا يُجِيزُونَ شهادةَ العبدِ" (١).
والأصلُ في تحمُّلِ الشهادةِ: الاستحبابُ، وفي أدائِها الوجوبُ، ومَن طُلِبَتْ شهادتُهُ وتَعَذَّرَ غيرُهُ، تَعَيَّنَ عليه؛ لقولهِ تَعالى: ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾، وجزَمَ بالوجوبِ ابنُ عباسٍ وغيرُهُ مِن الصحابةِ.
وقولُهُ: ﴿وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا﴾ قرينةٌ على عدمِ وجوبِ الكتابةِ والشهادةِ، وإنَّما استحبابُها؛ لأنَّه أشرَكَ صغيرَ الحقوقِ وكبيرَها في الأمرِ،
(١) "تفسير ابن المنذر" (١/ ٥٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute