للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَحِل بغيرِ الضروراتِ ولا ما زادَ عن الحاجة؛ فإنَّه لا يَحِلُّ مالُ امرئٍ مسلمٍ الَّا بطِيبِ نفسٍ منه، إن النبيَّ قد مَرَّت به شدائدُ وبالمُسلِمينَ فاقاتٌ وحاجاتٌ، ومِثلُ ذلك في الخُلَفاء، فما كانوا يأحُذونَ أموالَ الناسِ كَرْهَا، بل كانوا يَستَحثونَهُمْ ليُنِفِقُوا فيُنفِقون ويَكتفُون.

ولو أخَذَ الحاكمُ زكاةَ الأغنياءِ واستحَثَّهُم على الصَّدَقة، لم يَحتَجِ المُسلِمونَ غالبًا لغيرِ ذلك؛ فإنَّ أكثَرَ الفقرِ في الدولِ يكونُ بسببِ أمرَيْنِ: إمَّا بضَعْفِ جِبَايةِ الصَّدَقةِ المشروعةِ مِن الأغنياء، أو بسُوءِ قسْمتِها على الفقراءِ بعدَ جَمعِها.

ولو أقامَ الحُكامُ الدُّوَلَ على ما أمَرَ اللهُ، لم يَحتاجُوا في الغالبِ إلى سَدِّ بيتِ المالِ بغيرِ المالِ المشروعِ؛ فقد جعَلَ اللهُ لبيتِ المالِ مَوارِدَ؛ منها الزكاةُ والصَّدَقةُ والغنيمةُ والفَيْءُ.

* * *

° قال تعالى: ﴿وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ﴾ [الأعراف: ١٢٠].

ذكَرَ الله في الآيةِ سجودَ السحَرَة، وظاهرُ سجودِهم: أنه مِن غيرِ صلاةٍ؛ لأنَّهم أُلْقُوا ساجِدِينَ كما كانوا يَفعَلُونَ لفِرْعَوْنَ ولآلهتِهم، وقد شرَعَ اللهُ الصلاةَ وجعَلَ فيها أعمالًا، منها: ما يصحُّ التعبُّدُ به منفرِدًا بلا صلاةٍ، ومنها: ما لا يصحُّ التعبدُ به منفرِدًا، وإنَّما جازَ لكونِهِ في صلاةٍ فالصلاةُ تتضمَّنُ أفعالًا، كالقيامِ والقعود، والركوعِ والسجود، وإشاراتٍ؛ كرفعِ اليدَيْنِ والأصبَعِ فليس كل ما جازَ في الصلاة، يجوز خارجَها، فمِن أَعمالِ الصلاةِ:

التعبُّدُ بالقيامِ وَحدَهُ:

القيامُ: والقيامُ عبادةٌ في الصلاةِ لا خارجَها؛ فلا يصحُّ مِن أحدٍ أنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>