والمؤمنَ والكافرَ، ولكنْ لا يتَّخِذُ بطانةً إلا أهلَ الحقِّ، ولا يقولُ إلا حقًّا، والمفاصلةُ بينَ المسلمِ والكافرِ والفاسقِ والمنافقِ بكلِّ حالٍ ليس مِن الفقهِ في الدِّين، بل مِن صنعِ أهلِ الغلوِّ والجهلِ.
الاستعانةُ بالكافِرِ في الحربِ:
وأمَّا الاستعانةُ بالكافِرِ في الحربِ؛ إنْ كان في قتالِ مسلِمينَ، فلا يجوزُ، وإنْ كان في قتالِ كفارٍ آخَرِينَ، فعلى حالينِ:
الأُولى: إذا كان النفعُ بتلك الاستعانةِ للكافرينَ أكثرَ مِن المؤمنينَ، وهم رأسٌ، والمسلِمونَ تَبَعٌ لهم، فيتقوَّى بها الكفرُ ويضعُفُ الإسلامُ، فلا يجوزُ بالاتِّفاقِ؛ لأنَّ هذا مظاهرةٌ صريحةٌ لتقويةِ الكفرِ على الإسلامِ.
الثانية: إذا كان النفعُ لأهلِ الإِسلامِ أكثرَ، ونفعُ الكفارِ دونَ ذلك، والمسلِمونَ رأسُ الأمر، والكفارُ لهم تَبَعٌ، ففي المسألةِ خلافٌ:
- ذهَبَ مالكٌ: إلى عدمِ جوازِ الاستعانةِ بالكافرِ في الحربِ؛ لعمومِ الآياتِ في النهيِ عن اتِّخاذِهِمْ بطانةً وأولياءَ، ولِما في "الصحيحِ"، عن عائشةَ ﵂؛ أنَّ رجلًا مِن المشرِكِينَ كان ذا جرأةٍ ونَجْدَةٍ جاءَ إلى النبيِّ ﷺ يومَ بدرٍ يستأذِنُهُ في أنْ يُحارِبَ معه، فقال ﷺ له:(ارْجِعْ؛ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ)(١).
- وذهَبَ جمهورُ الفقهاءِ: إلى الجوازِ بقيودٍ وشروطٍ؛ وهو قولُ أبي حنيفةَ والشافعيِّ، واختلَفُوا في قَدْرِ هذه الشروطِ ونوعِها، والأصحُّ جوازُ الاستعانةِ في هذه الحالِ بشروطٍ: