للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيَجري مَجرى الحثِّ على الإسباغ، ويحتملُ: أنَّ الحث على إطالةِ الغُرةِ من قولِ أبي هريرةَ، وليس مرفوعًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كما رجَّحَهُ غيرُ واحدٍ.

ولو كانتِ الزيادةُ عن المرفَقَينِ مشروعة، لَوَرَدَت في حديث صحيح موقوف مِن صفاتِ الوضوء، وقد جاء ذلك عن أبي هريرةَ أنه يَغسِلُ يدَيهِ إلى الرُّفغَينِ (١).

وصح عن ابنِ عمرَ أنه يَنضَحُ عينَيهِ (٢)، ويبلغُ بالوضوءِ في الصيفِ إلى إِبطيه؛ كما رواهُ عنه نافع (٣).

وروَى مجاهد عنه مَسحَهُ لِقَفَاه مع رأسِه (٤).

وهذا كله منهم اجتهاد؛ ولذا لم يكنْ عليه عملُ السلف، ولم يَثبُت في شيء مِن المرفوع، ولو صحَّ، لَمَا تُرِكَ في العمل، خاصةَ والوضوء سنة عمليةً يومية مرات، ومثل سننِها الثابتةِ لا تغيب عن خاصة الصحابةِ وكبارِهم فضلا عن جمهورِهم، ومع هذا لم ينقُلْها ويرفَعها واحدٌ منهم.

وقد استدَل أحمدُ بآيةِ المائدةِ هذه: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}، على أن التيممَ في اليدَين إلى الكفينِ كما في آيةِ النساء: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ}، فلو كان المسحُ إلى المرفَقَينِ كما في الوضوء، لحده في التيمُّم كما حده في الوضوءِ.

مَسْحُ الرأسِ:

وقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}، مسح الرأسِ واجبٌ بلا خلاف؛ وإنما الخلافُ في حدودِ الرأس، ومِقْدارِ المسح، والمجزِئِ


(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٣) (١/ ٥).
(٢) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ١٧٧).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٦٠٤) (١/ ٥٧).
(٤) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>