للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنجمِ الجَدْيِ على القِبْلةِ (١).

ويجبُ التصويبُ على مَن شاهَدَ الكَعْبةَ إمامًا ومنفردًا؛ لظواهرِ الأدلَّةِ؛ وهو محلُّ إجماعٍ عندَ العلماءِ (٢).

ومَن لم يشاهِدِ الكَعْبةَ ممَّن كان خارجَ المسجدِ، فصلَّى متحرِّيًا صوبَها، فبانَ أنَّه انحرَفَ عن البناءِ قليلًا، صحَّتْ صلاتُه.

دورانُ الصفوفِ عند الكعبةِ:

وأمَّا المأمومُ عندَ البيتِ خلفَ الإمامِ؛ إِنِ امتدَّتْ به الصفوفُ، وخرَجَ خروجًا يسيرًا عن حائطِ الكعبةِ، دون أن يُغيِّرَ جهةَ القِبْلةِ، بشرطِ أن يكونَ وجهُه نحوَها، فصلاتُه صحيحةٌ؛ فالصفوفُ عندَ الكعبةِ كانتْ زمنَ النبيِّ وخلفائِهِ جهةَ جدارِ البابِ، فإنْ زادتِ الصفوفُ عن حدِّ الكعبةِ، جاء صفٌّ آخَرُ خَلْفَهم، وأولُ مَن أدارَ الصفوفَ القَسْرِيُّ؛ كما رواهُ الأَزْرَقِيُّ في "أخبارِ مكةَ"، عن سُفيانَ بنِ عُيَيْنةَ؛ قال: "أولُ مَن أدارَ الصفوفَ حولَ الكعبةِ خالدُ بن عبدِ اللهِ القَسْرِيُّ" (٣).

وروى الفاكهيُّ؛ مِن حديثِ ابنِ جُرَيْجٍ؛ قال: أخبَرَني عطاءٌ؛ قال: كان ابنُ الزُّبَيْرِ إذا صلَّى بالناسِ، جمَعَهُمْ أجمعينَ وراءَ المَقَامِ، قال: فعِيبَ ذلك عليه، ففال له إنسانٌ: أرأَيْتَ إنْ كان وراءَ المقامِ مِن الناسِ ما لو جمَعَهُمْ حولَ البيتِ، أطافُوا له واحدًا، ولكنْ فيه فُرَجٌ، أيُّ ذلك أَحَبُّ إليك؟ فقال: ﴿وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ﴾ [الزمر: ٧٥]، يقولُ: صفوفُهُمْ حولَ البيتِ أَحَبُّ إِلَيَّ (٤)؛ وهذا استنباطٌ حسَنٌ.

* * *


(١) ينظر: "فتح الباري" لابن رجب (٣/ ٦٥).
(٢) ينظر: "الاستذكار" (٢/ ٤٥٥).
(٣) "أخبار مكة" للأزرقي (٢/ ٦٥).
(٤) "أخبار مكة" للفاكهي (١٢٢٩) (٢/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>