والمالُ على المُعسِرِ إلَّا إنْ أسقَطَهُ صاحبُهُ عنه، فهو في حُكْمِ الصَّدقةِ عليه، وإنْ كان إسقاطُه بسبَبِ اليأسِ منه وعدَمِ رجاءِ عودتِه، فذلك دونَ البَداءةِ ببَذلِهِ وإخراجِه من مالِهِ صدقةً.
التفاضُلُ بين إسقاطِ الديةِ وأخذِها:
وفي قوله: ﴿إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾ تشوُّفٌ إلى العفوِ باستعمالِ لفظِ التصدُّقِ، بدلَ العفوِ والتَّرْكِ وشِبْهِه، وفضلُ الصدقةِ بالديةِ على القاتلِ وعاقلتِهِ على حالَيْنِ:
الأُولى: أنَّ العفوَ والصدقةَ بها أَوْلى مِن قَبْضِها؛ وذلك إذا كان القاتلُ لا قرينةَ في تعمُّدِهِ القتلَ، وكان مُعسِرًا ولا عاقلةَ له تُعِينُهُ، وكان أهلُ المقتولِ أهلَ قُدْرةٍ ويَسَارٍ.
الثانيةُ: أنَّ أخذَها أوْلى؛ وذلك لِمَن ظهَرَ منه تعمُّدُ القتلِ وقامَتْ قرينةُ العداوةِ، وضَعْفِ الدِّيَانة، وسوءِ القصدِ؛ فأخذُها تأديبٌ له ولأمثالِه.
وأخذُ الديةِ في الحالَينِ حقٌّ لأهلِ المقتول، لا يُلامون بذلك ولا يُعاتَبونَ عليه.
مقدارُ ديةِ القتلِ:
وقولُه: ﴿وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾، ديةُ القتلِ مِئةٌ مِنَ الإبلِ؛ وبهذا قَضَى النبيُّ ﷺ وخُلَفاؤُه الرَّاشِدونَ، وهي واجبةٌ مِن الإبلِ على أصحابِ الإبلِ، ولا خِلَافَ في ذلك.