للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويَحتمِلُ أنَّ المرادَ المعنيانِ؛ فأحكامُ القرآنِ غائيَّةٌ عامَّةٌ، وقولُه: ﴿مِثْلُ ذَلِكَ﴾ إشارةٌ عامَّةٌ لكلِّ ما سبَقَ، وبيانُ حقِّ الرضيعِ ونفَقَتِهِ لرضاعِه لا تترُكُ مِثلَهُ الشريعةُ، وتركُ المضارَّةِ حكمٌ أدقُّ وأقلُّ وقوعًا وبَلْوَى مِن حاجةِ المولودِ للرضاعِ، وحقُّ الرضاعِ أَوْلى بالنصِّ وبيانِ الحُكْمِ.

وربَّما حمَلَ ابنُ عباسٍ ذلك على المضارَّةِ؛ لأنَّ الرضاعَ مع حاجتِهِ ووقوعِ وفاةِ الوالدِ حالَ الرضاعِ؛ فإنَّ المولودَ يأخُذُ حقَّه؛ لرحمةِ الناسِ به وتنافُسِهِمْ على كفايتِهِ، بخلافِ حظوظِ النفسِ في الوَرَثةِ في أن يُضِرَّ بعضُهُمْ ببعضٍ في حقِّ الرضاعِ، فيتضرَّرَ المولودُ ولا يُشْعَرُ به؛ لشُحِّ النفوسِ الطاغي.

فطامُ الرضيعِ:

وقولُه: ﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾، أحالَ اللهُ فطامَ الطِّفلِ قبلَ الحولَيْنِ على اتفاقِ الوالدَيْنِ على ذلك، وقيَّد ذلك بتراضِيهِما وتشاوُرِهما جميعًا؛ حتَّى لا يغلِّبَ واحدٌ منهم حظَّهُ على مصلحةِ الولَدِ، فلا تَفطِمُ الوالدةُ المطلَّقةُ ولدَها قبلَ وقتِهِ للتزوُّجِ فيتضرَّرَ الولَدُ، ولا يأمُرُ الوالدُ بفَطْمِهِ قبلَ وقتِه؛ ليأخُذَهُ مِن أمِّه.

أهميَّةُ الشُّورَى:

وفي الآيةِ: أهميَّةُ الشُّورَى، وقد جاءتِ الشُّورَى في القرآنِ عامَّةً وخاصَّةً:

عامَّةٌ في أمرِ الأمَّةِ ودَوْلَتِها؛ كما في قولِه: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ [آل عمران: ١٥٩]، وقولِهِ: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: ٣٨].

وخاصَّةٌ في هذه الآيةِ.

وكلَّما كان الأمرُ يتعلَّق بعددٍ مِن الناسِ، تأكَّدَتِ الشورى ووجَبَتْ؛ فالشورى في حقِّ الثلاثةِ آكَدُ منها في حقِّ الاثنَيْنِ، وهي في العَشَرةِ آكَدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>