للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويسقُطُ مِن حقِّ الوالدةِ بمقدارِ نصيبِها مِن ولدِها.

ويسقُطُ مِن حقِّ الرضيعِ مقدارُ نصيبِهِ لو كان بمنزلةِ إخوانِه.

وبهذا قال أحمدُ.

وبعضُ العلماءِ جعَلُوا ذلك مختصًّا بالرجالِ؛ لأنَّ النساءَ لا يُنفِقْنَ، وإنَّما يُنفِقُ عليهِنَّ الرِّجالُ؛ كما في قولِه: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣٤]؛ ولهذا قضى عمرُ ؛ كما رواهُ عبدُ الرزَّاقِ في "مصنَّفِه"، وابنُ جريرٍ؛ مِن حديثِ ابنِ المسيَّبِ، عن عمرَ؛ أنَّه حبَسَ بني عمٍّ على منفوسٍ كَلَالةً بالنَّفَقةِ عليه مِثْلَ العاقِلةِ (١).

وبهذا يقولُ عطاءٌ ومجاهِدٌ والنَّخَعيُّ والحسَنُ (٢).

وخصَّ أبو حنيفةَ وصاحباهُ: النَّفَقةَ عند وفاةِ الوالدِ بذي الرَّحِمِ المَحْرَمِ، وأخرَجَ ذا الرَّحِمِ غيرَ المَحْرَمِ.

وقولُهم هذا غريبٌ، يخالِفُ الكتابَ، وكذلك الأَثَرَ عن عمرَ، وقد استغرَبَهُ غيرُ واحدٍ مِن العلماءِ، قال إسماعيلُ بنُ إسحاقَ: "قالوا قولًا ليس في كتابِ اللهِ، ولا نعلمُ أحدًا قاله" (٣).

وقد قال مالكٌ بنَسْخِ قولِه تعالى: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾؛ كما نقَلَهُ عنه ابنُ القاسمِ، وحمَلَهُ بعضُ المالكيَّةِ على التخصيصِ؛ لأنَّ التخصيصَ نسخٌ.

وحمَلَ بعضُ المفسِّرينَ الخطابَ للوارثِ على أنَّه لمنعِ المضارَّةِ للمولودِ؛ كما نَهَى اللهُ الوالدَيْنِ عن ذلك، وليس المرادُ بذلك النفقةَ؛ وهذا مرويٌّ عنِ ابنِ عبَّاسٍ ومجاهِدٍ والشَّعْبيِّ، وهو قولُ الشافعيِّ.

ورواهُ ابنُ وهبٍ وأشهَبُ عن مالكٍ.


(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٢١٨١) (٧/ ٥٩)، والطبري في "تفسيره" (٤/ ٢٢٢).
(٢) "تفسير الطبري" (٤/ ٢٢٣ - ٢٢٤).
(٣) "تفسير القرطبي" (٤/ ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>