للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصلِ الوصيَّةِ، فلا يَلزَمُ الورثةَ إمضاءُ ما سَمَّى، ومَن قال بجوازِها مع إمضاءِ الورثة، فهو يرَى صحَّةَ عقدِها منه ابتداءً، فتَمضِي على ما سمَّاهُ المُوصِي مِن غيرِ تغييرٍ.

* * *

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: ١٠].

وُرُودُ الآيةِ في التحذيرِ مِن أكلِ مالِ اليتامى بعدَ الآيةِ السابقةِ قرينةٌ لقولِ مَن قال: إنَّ الآيةَ السابقةَ يُخاطَبُ بها أولياءُ اليتامَى أن يتَّقُوا اللهَ فيهم كما يُريدونَ أنْ تُعامَلَ أيتامُهم مِن بَعدِهم لو ماتوا عنهم.

التشديدُ في أكلِ مالِ اليتيمِ:

وفي الآيةِ: شدَّةُ الوعيدِ لآكِلِ مالِ اليتيم، وتقدَّمَ أنَّ جنسَ أكلِ مالِ اليتيمِ أعظَمُ مِن جنسِ أكلِ مالِ الرِّبا، وقوله تعالى {يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} جزاءٌ مِن جنسِ العملِ، وهذا شبيهٌ بقولِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ شَرِبَ فِي إِنَاءٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارًا مِنْ جَهَنَّمَ)، وهو في "الصحيحَينِ"؛ مِن حديثِ أمِّ سلمةَ (١).

ولكنَّ أكلَ مالِ اليتيمِ أعظَمُ؛ لأنَّه ذُكِرَ مع أكلِ النارِ: {وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}، وهذه عقوبةٌ زائدةٌ ليست في الأكلِ بآنيةِ الذهبِ والفِضَّةِ.

والصَّلْيُ هو الشَّيُّ، كما جاء في "الصحيحِ"؛ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أكَلَ مِن شاةٍ مَصْلِيَّةٍ (٢)؛ يعني: مشويَّة.


(١) أخرجه البخاري (٥٦٣٤) (٧/ ١١٣)، ومسلم (٢٠٦٥) (٣/ ١٦٣٥).
(٢) أخرجه البخاري (٥٤١٤) (٧/ ٧٥)؛ من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>