للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمهور، خلافًا لأبي حنيفةَ؛ فقد أوجب الحِنْثَ قبل الكفارة، واستثنى الشافعيةُ الصومَ؛ لأنه عبادة بدنيَّة لا يجوزُ تقديمُها قبلَ وقت وجوبِها، والصحيحُ: عدم التفريقِ بينَ الصيامِ والإطعامِ والكِسوة، وقد جاء في الصحيح؛ قال : (إذَا حَلَفتَ عَلَى يَمِين، فَرَأيتَ غيرَهَا خَيرًا مِنْهَا، فكفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَائتِ الذي هُوَ خَيرٌ) (١)، وفي البخاريّ، عن أبي موسى مرفوعًا؛ قال: (لَا أَحْلِفُ عَلَى يمِين، فَأرَى غيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلا كَفرْت عَنْ يَمِيني، وَأتيتُ الَّذِي هُوَ خَير - أَو: أَتَيْت الذي هوَ خَير، وَكَفرتُ عَنْ يَمِيني) (٢).

واختلاف ألفاظِ الحديثِ قرينة على التوسعة، ولو كان الترتيب مقصودًا، لَضَبَطَهُ النقلَة على وجهٍ واحدٍ، وقد روى الشيخانِ الحديث على الوجهَينِ تقديمًا وتأخيرًا؛ لأنَّ الترتيب غيرُ مقصود عندَهما.

وجمهور الفقهاءِ القائلينَ بجوازِ التقديمِ والتأخيرِ يفضِّلونَ تأخيرَ الكفارة على الحنث.

أحوالُ كفارة اليمين:

وقوله تعالى: ﴿فَكَفَّارَتُهُ﴾ الآيةَ، هذه كفارةُ اليمين، فجعَلَها اللهُ على حالَينِ:

الأولى: التخييرُ؛ وهي الإطعام أو الكسوةُ أو تحريرُ رَقبةٍ.

الثانية: الترتيب؛ وهي مَن لم يَجِدِ الأولى، فيصومُ ثلاثةَ أيام بدلًا عنها، ولا خلاف بينَ العلماءِ مِن السلفِ والفقهاءِ مِن بعدِهم على ذلك، وأن الصومَ لا يُصار إليه إلا عندَ العجزِ عن الإطعامِ والكسوةِ وعِتقِ الرقبةِ.


(١) أخرجه البخاري (٦٦٢٢) (٨/ ١٢٧)، ومسلم (١٦٥٢) (٣/ ١٢٧٣).
(٢) أخرجه البخاري (٦٦٢٣) (٨/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>