والأنفالُ: ما زادَ عمَّا في أَيدِي المُقاتِلينَ مِن مالٍ وعُدَّةٍ، فهم وجَبَ عليهم الجهادُ بما في أيدِيهِم، ثم رزَقَهم اللهُ فوقَ ذلك مِن العدوِّ مالًا، وكذلك فالمالُ المأخوذُ مِن الكفَّارِ زائدٌ عن شريعةِ اللهِ المفروضة، وهي قتالُهم وجهادُهم، فلم تكنِ الأنفالُ مقصودةً بعَينِها، ولا مطلوبةً في القتالِ بنفسِها.
وقد سمَّى اللهُ المالَ المأخوذَ مِن الكفَّارِ بأسماءٍ، منها: الأنفالُ، والغنائمُ، والفَيْءُ، والسَّلَبُ، والجِزْيَةُ، والخَرَاجُ، وبينَ هذه الأسماءِ عمومٌ وخصوصٌ؛ مِن جهةِ اللُّغة، وفي اصطِلاحِ الشرع، وقد يُطلَقُ بعُضُها على بعضٍ؛ ولهذا استُعْمِلَتْ في بعضِ نصوصِ الوحيِ والأثرِ بما يُفيدُ جوازَ كونِها على معنًى واحدٍ بِحَسَبِ السِّياقِ؛ كالفَيْءِ والسَّلَبَ والنَّفَلِ قد يُسمَّى غنيمةً باعتبارِ أنه غُنْمٌ غَنِمُوهُ مِن الكفار، وكالغنيمةِ والفَيْءِ والسَّلَبِ قد يسمَّى نَفَلًا باعتبارِ كونِهِ مِن المالِ الزائدِ عمَّا في أيدِيهِم عندَ قتالِهم؛ فامْتَنَّ اللهُ به عليهم، ومِن ما اختلَفَ قولُ السلفِ والأئمَّةِ في تعيينِ نوعِ المرادِ مِن الأنفالِ في هذه الآيةِ: فمنهم: مَن جعَلَهُ في كلِّ مالٍ يأخُذُهُ المُسلِمونَ مِن الكافِرِينَ بغيرِ قتالٍ؛ كالبعرِ الشاردِ والخيلِ الشاذِّ منهم إلى المُسلِمينَ، فجعلوا الزِّيادةَ هنا في المالِ ممَّا لم يكنْ بقتالٍ، فكان نافلةً فوقَ نافلةِ الغنيمة، والغنيمةُ