للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: اختلاطُها بالرجالِ؛ فلا يجوزُ أنْ تُقِيمَ وتُدِيمَ الجلوسَ بينَ الرجالِ الأجانبِ؛ فروى ابنُ جريرٍ، عن القاسمِ بنِ أبي بَزَّةَ، عن عِكْرِمةَ مَوْلَى ابنِ عباسٍ؛ قال: "لا ينبَغي لامرأةٍ أنْ تكَونَ مع الرحالٍ" (١).

وعن مَعْمَرٍ، عن قتادةَ: ﴿قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى﴾، وإنَّما كانوا يُحرِّرونَ الغِلْمَانَ؛ ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ﴾ (٢).

وقال السُّدِّيُّ: إنَّما يُحرَّرُ الغِلْمَانُ؛ يعني: للكنيسةِ (٣).

حكمُ اختلاطِ الرجال بالنِّساءِ:

وفي هذا دليلٌ على حُرْمةِ اختلاطِ الرجالِ بالنساءِ في المَجالِسِ وأماكنِ العملِ الذي يتضمَّنُ قَرارًا، وكذلك مجالسُ التعليم، وتحريمُ اختلاطِ الرجالِ بالنِّساءِ في المجالسِ والمجامعِ الدائمةِ ثابتٌ في سائرِ الشرائعِ، وكانتِ النساءُ مِن بني إسرائيلَ يُصَلِّينَ في دُورِ العبادةِ معزولاتٍ عن الرجالِ، فلمَّا اسْتَشْرَفْنَ للرِّجالِ، مُنِعْنَ مِن ذلك؛ كما رُوِيَ عن عائشةَ وابنِ مسعودٍ.

والاختلاطُ على نوعَيْنِ:

النوعُ الأولُ: اختلاطٌ عابرٌ، وهو مرورُ النساءِ في الطريقِ والسوقِ؛ لقضاءِ الحاجاتِ، وصِلَةِ الأرحامِ، والشراءِ والبيعِ؛ فهذا جائزٌ عندَ الحاجةِ، وقد أَذِنَ اللهُ لأمَّهاتِ المؤمنينَ في خروجِهنَّ لحاجاتِهنَّ، وأسقطَ عن النساءِ صلاة الجماعةِ؛ لفضلِ قَرارِهنَّ في البيوتِ، والواجباتُ لا تسقُطُ إلا لأجْلِ مقصدٍ عظيمٍ.

النوعُ الثاني: اختلاطٌ دائمٌ، وهو اختلاطُ المَجالِسِ والتعليمِ والعملِ؛ فهذا محرَّمٌ بالاتِّفاقِ، ولا يُعلَمُ في مذهبٍ عندَ السلفِ والخلفِ


(١) "تفسير الطبري" (٥/ ٣٣٨).
(٢) "تفسير الطبري" (٥/ ٣٣٧).
(٣) "تفسير الطبري" (٥/ ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>