للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالخَطَّابيّ، وللشافعيِّ قولٌ ولأحمدَ روايةٌ في خلافِ ذلك نقَلَها المَيْمُونيُّ.

وفي فَهْمِ المنقولِ عن أحمدَ في ذلك نظرٌ؛ فالصريحُ عنه حكايةُ تحريمُ صدقةِ التطوُّع مِن الأموال، وأمَّا عمومُ المعروفِ فجائزٌ ولو جاء في النصِّ تسميتُهُ صَدَقةً؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ)، فيُبذَلُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - معروفٌ مِن غيرِ الأموال، وهو بابٌ واسعٌ يَحِلُّ له ولآلِ بيتِه؛ مِن هديَّةٍ، وحَمْلِ مَتاعٍ، وقضاءِ حاجةٍ، وسائرِ الخِدْمةِ؛ فهي معروفٌ وصدَقةٌ.

وبعضُ الفُقَهاءِ مِن أصحابِ مالكٍ: يَجْعَلُ تَرْكَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِصَدَقةِ التطوُّعِ تنزُّهًا، وتَرْكَهُ للزَّكاةِ المفروضةِ تحريمًا.

الهديَّةُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وقَرَابَتِهِ:

والهديَّةُ حلالٌ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بلا خلافٍ، والهديَّةً له ولقَرَابتِهِ أفضَلُ مِن الصَّدَقةِ عليهم، وإنْ كانتِ الصدقةُ وصَلَتْ إلى غيرِ ذوي القُرْبى ثم أهداها إلى واحدٍ منهم، جازَ؛ لأنَّها تتحوَّلُ بتحوُّلِ اليدِ بها؛ فعن أنسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بِلَحْمٍ تُصُدِّقَ بهِ عَلَى بَرِيرَةَ مَوْلَاةِ عائشةَ -رضي الله عنها-، فقال: (هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَا هَدِيَّةٌ) (١).

ولا خلافَ في جوازِ انتفاعِ ذوي القُربى مِن المالِ والطعامِ المباحِ؛ كالولائمِ والعقيقةِ وطعامِ إكرامِ الضَّيْفِ.

وقولُه: {وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}، منهم مَن جعَلَهم يتامَى قَرَابةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ومساكينَهم؛ كما صحَّ عن المِنْهالِ بنِ عمرٍو؛ قال: سألتُ عندَ اللهِ بنَ محمدِ بنِ عليٍّ، وعليَّ بنَ الحُسَيْن، عن الخُمُسِ؟ فقالا: هو


(١) أخرجه البخاري (١٤٩٥)، ومسلم (١٠٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>