ومنها: إقامةُ العدلِ، ودفعُ الظُّلْمِ؛ فالظالُم لا يُنصَرُ، وإنْ غَلَبَ لا يتمكَّنُ؛ فاللهُ لا يُمكنُ للظالمِ وإنَ جعَلَ له الغَلَبَةَ؛ قال تعالى: ﴿اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ [الأنعام: ١٣٥]، وقد يتمكَّنُ الظالمُ على مَن هو أشد ظُلمًا منه عند غياب العادلِ؛ فالله يُمكِّنُ للأعدَلِ والأخَف ظُلمًا.
وأما الأسباب الكونيَّةُ: فهي ما أوجَدَه اللهُ في الكونِ من قوةٍ لازمةٍ لحدوثِ حادثٍ تابعٍ للأخذِ بها، وهي مختلِفةٌ؛ فلا حَدَّ لها ولا حَصرَ، ولا يعلَمُ حدَّها، ونوعَها وعدَدَها، وقُوَّتَها وأثَرَها، ومُبتدَاها ومُنتهاها، إلَّا مُوجِدُها، وهو اللهُ، وما خَفِيَ مِن الأسباب أعظَمُ مما ظهَرَ وأكثرُ، والإنسانُ مأمورٌ بالأخذِ بما ظهَرَ له، وقد تتحققُ النتائجُ غالبًا بالأسبابِ الظاهرة، وقد لا يُحقِّقُها اللهُ لحِكمةٍ بأسبابٍ خفيَّةٍ أقوى مِن الظاهرةِ، وكلٌّ في الدُّنيا يَجري بسببٍ، ولكنَّ النَّاسَ يأخُذونَ ما يرون وقد يكونُ ضعيفَ الأثرِ بالنسبةِ لِمَا خَفِيَ عنهم.
وفي هذه الآية: إشارةٌ إلى الأخذِ بالسببِ الكونيِّ، ولو كان ثمَّةَ